[ ص: 111 ] إسلام السابقين الأولين
قال ابن إسحاق : ذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضرت الصلاة ، خرج إلى شعاب مكة ومعه علي فيصليان فإذا أمسيا رجعا ، ثم إن أبا طالب عبر عليهما وهما يصليان ، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم : يا ابن أخي ما هذا ؟ قال : أي عم هذا دين الله ودين ملائكته ورسله ودين إبراهيم ، بعثني الله به رسولا إلى العباد ، وأنت أي عم أحق من بذلت له النصيحة ودعوته إلى الهدى ، وأحق من أجابني وأعانني . فقال أبو طالب : أي ابن أخي لا أستطيع أن أفارق دين آبائي ، ولكن والله لا يخلص إليك بشيء تكرهه ما بقيت ، ولم يكلم عليا بشيء يكره ، فزعموا أنه قال : أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فاتبعه . ثم أسلم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان أول ذكر أسلم ، وصلى بعد زيد بن حارثة علي رضي الله عنهما .
وكان حكيم بن حزام قدم من الشام برقيق ، فدخلت عليه فقال : اختاري أي هؤلاء الغلمان شئت فهو لك ، فاختارت خديجة بنت خويلد زيدا ، فأخذته ، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فاستوهبه ، فوهبته له ، فأعتقه وتبناه قبل الوحي ، ثم قدم أبوه حارثة لموجدته عليه وجزعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن شئت فأقم عندي ، وإن شئت فانطلق مع أبيك " ، قال : بل أقيم عندك ، وكان يدعى زيد بن محمد ، فلما نزلت : ( ادعوهم لآبائهم ( 5 ) ) [ الأحزاب ] قال : أنا . زيد بن حارثة
[ ص: 112 ] قال ابن إسحاق : وكان أبو بكر رجلا مألفا لقومه محببا سهلا ، وكان أنسب قريش لقريش ، وكان تاجرا ذا خلق ومعروف ، فجعل لما أسلم يدعو إلى الله وإلى الإسلام من وثق به من قومه ، ممن يغشاه ، ويجلس إليه ، فأسلم بدعائه : عثمان ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة بن عبيد الله ، فجاء بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلموا وصلوا ، فكان هؤلاء النفر الثمانية أول من سبق بالإسلام وصلوا وصدقوا . وسعد بن أبي وقاص ،
ثم أسلم أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري ، وأبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله المخزومي ، والأرقم بن أبي الأرقم بن أسد بن عبد الله المخزومي ، وعثمان بن مظعون الجمحي ، وأخواه قدامة وعبد الله ، وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف المطلبي ، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي ، وامرأته فاطمة أخت عمر بن الخطاب ، وأسماء بنت أبي بكر ، وخباب بن الأرت حليف بني زهرة ، وعمير بن أبي وقاص أخو سعد ، وعبد الله بن مسعود ، وسليط بن عمرو بن عبد شمس العامري ، وأخوه حاطب ، وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي ، وامرأته أسماء ، وخنيس بن حذافة السهمي ، وعامر بن ربيعة حليف آل الخطاب ، وعبد الله وأبو أحمد ابنا جحش بن رئاب الأسدي ، وامرأته وجعفر بن أبي طالب ، أسماء بنت عميس ، وحاطب بن الحارث الجمحي ، وامرأته فاطمة بنت المجلل ، وأخوه خطاب ، وامرأته فكيهة بنت يسار ، ومعمر بن الحارث أخوهما ، والسائب بن عثمان بن مظعون ، والمطلب بن أزهر بن عبد عوف العدوي الزهري ، وامرأته رملة بنت أبي عوف ، والنخام وهو نعيم بن عبد الله بن أسد العدوي ، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ، وخالد بن [ ص: 113 ] سعيد بن العاص بن أمية ، وامرأته أمينة بنت خلف ، وحاطب بن عمرو ، وأبو حذيفة مهشم بن عتبة بن ربيعة ، وواقد بن عبد الله حليف بني عدي ، وخالد ، وعامر ، وعاقل ، وإياس بنو البكير حلفاء بني عدي ، وعمار بن ياسر حليف بني مخزوم ، وصهيب بن سنان النمري حليف بني تيم .
وقال : حدثني محمد بن عمر الواقدي الضحاك بن عثمان ، عن عن مخرمة بن سليمان الوالبي ، قال : قال إبراهيم بن محمد بن طلحة ، : حضرت سوق بصرى ، فإذا راهب في صومعته يقول : سلوا أهل الموسم ، أفيهم أحد من طلحة بن عبيد الله أهل الحرم ؟ قال طلحة : قلت : نعم أنا . فقال : هل ظهر أحمد بعد ؟ قلت : ومن أحمد ؟ قال : ابن عبد الله بن عبد المطلب ، هذا شهره الذي يخرج فيه ، وهو آخر الأنبياء ، مخرجه من الحرم ، ومهاجره إلى نخل وحرة وسباخ ، فإياك أن تسبق إليه . قال طلحة : فوقع في قلبي ، فأسرعت إلى مكة ، فقلت : هل من حدث ؟ قالوا : نعم ، محمد بن عبد الله الأمين تنبأ ، وقد تبعه ابن أبي قحافة ، فدخلت عليه فقلت : اتبعت هذا الرجل ؟ قال : نعم ، فانطلق فاتبعه . فأخبره طلحة ، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فلما أسرع أبو بكر وطلحة أخذهما نوفل بن خويلد بن العدوية فشدهما في حبل واحد ، ولم تمنعهما بنو تيم ، وكان نوفل يدعى " أسد قريش " ، فلذلك سمي أبو بكر وطلحة : القرينين .
وقال إسماعيل بن مجالد ، عن بيان بن بشر ، عن وبرة ، عن همام ، قال : سمعت يقول : عمار بن ياسر وأبو بكر . أخرجه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان . البخاري
[ ص: 114 ] قلت : ولم يذكر عليا لأنه كان صغيرا ابن عشر سنين .
وقال العباس بن سالم ، عن ويحيى بن أبي كثير ، أبي أمامة ، عن قال : عمرو بن عبسة ، بمكة مستخفيا ، فقلت : ما أنت ؟ قال : " نبي " . قلت : وما النبي ؟ قال : " رسول الله " . قلت : الله أرسلك ؟ قال : " نعم " . قلت : بم أرسلك ؟ قال : " بأن يعبد الله وتكسر الأوثان وتوصل الأرحام " . قلت : نعم ما أرسلك به ، فمن اتبعك ؟ قال : " حر وعبد " ، يعني أبا بكر وبلالا ، فكان عمرو يقول : لقد رأيتني وأنا رابع أو ربع ، فأسلمت وقلت : أتبعك يا رسول الله ، قال : " لا ، ولكن الحق بقومك ، فإذا أخبرت بأني قد خرجت فاتبعني " . أخرجه أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسلم .
وقال عن هاشم بن هاشم ، ابن المسيب ، أنه سمع يقول : لقد مكثت سبعة أيام ، وإني لثلث الإسلام . أخرجه سعد بن أبي وقاص . البخاري
وقال زائدة ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله ، قال : سبعة : النبي صلى الله عليه وسلم ، أول من أظهر إسلامه وأبو بكر ، وعمار وأمه ، وصهيب ، وبلال ، تفرد به والمقداد ، يحيى بن أبي بكير .
وقال إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس ، عن سعيد بن زيد ، قال : والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي وأخته على الإسلام ، قبل أن يسلم عمر ، ولو أن أحدا ارفض للذي صنعتم بعثمان لكان . أخرجه . البخاري
[ ص: 115 ] وقال الطيالسي في " مسنده " : حدثنا حماد بن سلمة ، عن عاصم ، عن زر ، عن قال : كنت يافعا أرعى غنما عبد الله بن مسعود ، لعقبة بن أبي معيط بمكة وأبو بكر ، وقد فرا من المشركين ، فقالا : يا غلام هل عندك لبن تسقينا ؟ قلت : إني مؤتمن ولست بساقيكما . فقالا : هل عندك من جذعة لم ينز عليها الفحل ؟ قلت : نعم ، فأتيتهما بها ، فاعتقلها أبو بكر ، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الضرع فدعا ، فحفل الضرع ، وأتاه أبو بكر بصخرة منقعرة ، فحلب فيها ، ثم شربا وسقياني ، ثم قال للضرع : " اقلص " ، فقلص فلما كان بعد ، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : علمني من هذا القول الطيب ، يعني القرآن فقال : إنك غلام معلم ، فأخذت من فيه سبعين سورة ما ينازعني فيها أحد . فأتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم