المنصور
السلطان الملك المنصور نور الدين علي بن السلطان الملك المعز أيبك التركي التركماني الصالحي .
لما قتل والده في ربيع الأول سنة خمس وخمسين وستمائة سلطنوا هذا ، وعمل نيابته مملوك أبيه قطز الذي كسر التتار نوبة عين جالوت ، وضربت السكة والخطبة باسم المنصور ، وله خمس عشرة سنة ، وقام دسته بالأمراء المعزية غلمان والده ، فكانت دولته سنتين ونصفا ، ودهم العدو مع [ ص: 382 ] هولاكو البلاد ، فبايعوا قطز بالسلطنة ، وعزلوا المنصور في أواخر سنة سبع وخمسين ، فلما قتل قطز وتملك الظاهر نفى أولاد المعز إلى عند الأشكري في البحر وانقضت أيامهم .
واتفق أن في سنة اثنتين وسبعين رأوا شابا عند قبر المعز يبكي فأحضر إلى السلطان فذكر أنه قليج قان ولد المعز ، وأنه قدم من القسطنطينية من ست سنين ، وأنه يتوكل لأجناد ، فسجنه السلطان ، فبقي سبع سنين ، حتى أخرجه الملك المنصور ، فاتفق رؤيتي له بعد دهر طويل عند قاضي القضاة تقي الدين في سنة تسع وثلاثين وسبعمائة ، فرأيته شيخا جنديا جلدا فصيح العبارة حافظا للقرآن ، فذكر أن له ابنا شيخا قد نيف على الستين ، وقال : قد ولدت سنة ثمان وأربعين وستمائة ، وتنصر أخي المنصور ببلاد الأشكري ، وتأخر إلى قريب سنة سبعمائة ، وله ذرية نصارى ، نعوذ بالله من المكر .
قال : وجاءني منه كتاب فيه : أخوه ميخائيل بن أيبك ، فلم أقرأه ، قال : ولبست بالفقيري مدة ، وحضرت عند الملك الأشرف ، فسألني عن لاجين ، يعني : الذي تسلطن ، فقلت : هو على ملكي ، فطلبه فأقر لي بالرق فبعته للأشرف بخمسة آلاف درهم على أنه سارق آبق بقتل أستاذه ، قال : وورثت بالولاء جماعة أمراء من غلمان أبي ، واسميقليج قان ، لقبه سيف الدين .