وأمه عمرة بنت [ ص: 679 ] رواحة ، وكان أول مولود ولد بالمدينة بعد الهجرة للأنصار ، في جمادى الأولى سنة ثنتين من الهجرة ، فأتت به أمه تحمله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحنكه وبشرها بأنه يعيش حميدا ، ويقتل شهيدا ، ويدخل الجنة ، فعاش في خير وسعة ، وولي نيابة الكوفة لمعاوية تسعة أشهر ، ثم سكن الشام ، وولي قضاءها بعد فضالة بن عبيد ، وفضالة بعد . وناب أبي الدرداء بحمص لمعاوية ، وهو الذي رد آل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بأمر يزيد له في ذلك ، وهو الذي أشار على يزيد بالإحسان إليهم وقال : عاملهم بما كان يعاملهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم لو رآهم على هذه الحالة . فرق لهم يزيد ، وأحسن إليهم وأكرمهم ، وأمر بإكرامهم ، ثم لما كانت وقعة مرج راهط وقتل الضحاك بن قيس ، وكان النعمان قد أمده بأهل حمص عدا عليه أهل حمص فقتلوه بقرية يقال لها : ييرين . قتله رجل يقال له : . وقيل : خالد بن خلي الكلاعي خلي بن داود . وهو جد خالد بن خلي ، وقد رثته ابنته حميدة بنت النعمان فقالت :
ليت ابن مرنة وابنه كانوا لقتلك واقية وبني أمية كلهم
لم تبق منهم باقية جاء البريد بقتله
يا للكلاب العاوية يستفتحون برأسه
دارت عليهم ثانية فلأبكين مسرة
ولأبكين علانية [ ص: 680 ] ولأبكينك ما حييت
مع السباع العادية
ومن كلام النعمان ، رضي الله عنه ، قوله : إن الهلكة كل الهلكة أن تعمل بالسيئات في زمان البلاء .
وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا أبو اليمان ، ثنا إسماعيل بن عياش ، عن أبي رواحة يزيد بن أيهم ، عن الهيثم بن مالك الطائي ، سمعت النعمان بن بشير على المنبر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ ص: 681 ] " إن للشيطان مصالي وفخوخا ، وإن من مصاليه وفخوخه البطر بنعم الله ، والفخر بعطاء الله ، والكبر على عباد الله ، واتباع الهوى في غير ذات الله " .
ومن أحاديثه الصحاح الحسان ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الحلال بين ، وإن الحرام بين ، وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله تعالى محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد ، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ، ألا وهي القلب " . رواه البخاري ومسلم .
وقال أبو مسهر : كان النعمان بن بشير على حمص عاملا لابن الزبير ، فلما تمرون أهل حمص خرج النعمان هاربا ، فاتبعه فقتله . خالد بن خلي الكلاعي
قال أبو عبيدة وغير واحد : في هذه السنة .
وقد روى محمد بن سعد بأسانيده أن معاوية تزوج امرأة جميلة جدا ، فبعث إحدى امرأتيه ميسون أو فاختة ; لتنظر إليها . فلما رأتها أعجبتها جدا ، ثم [ ص: 682 ] رجعت إليه فقال : كيف رأيتيها ؟ قالت : بديعة الجمال ، غير أني رأيت تحت سرتها خالا أسود ، وإني أحسب أن زوجها يقتل ويلقى رأسه في حجرها . فطلقها معاوية ، وتزوجها النعمان بن بشير فلما قتل ألقي في حجر امرأته هذه .
وقال أبو سليمان بن زبر : قتل بسلمية سنة ست وستين . وقال غيره : سنة خمس وستين . وقيل : سنة ستين . والصحيح ما ذكرناه .
وفيها توفي ، صحابي صغير ، أصابه حجر المنجنيق المسور بن مخرمة بن نوفل بمكة ، وهو قائم يصلى في الحجر .