فصل
في إيراد الحديث الدال على أنه ، عليه الصلاة والسلام ، خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة ، يقال له : غدير خم . فبين فيها فضل علي بن أبي طالب ، وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن ، بسبب ما كان صدر منه إليهم من المعدلة التي ظنها بعضهم جورا وتضييقا وبخلا ، والصواب كان معه في ذلك ، ولهذا لما [ ص: 666 ] تفرغ ، عليه الصلاة والسلام ، من بيان المناسك ورجع إلى المدينة بين ذلك في أثناء الطريق ، فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ ، وكان يوم الأحد بغدير خم تحت شجرة هناك ، فبين فيها أشياء ، وذكر من وقربه إليه ، ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه ، ونحن نورد عيون الأحاديث الواردة في ذلك ، ونبين ما فيها من صحيح وضعيف بحول الله وقوته وعونه ، وقد اعتنى بأمر هذا الحديث فضل علي وأمانته وعدله صاحب " التفسير " و " التاريخ " ، فجمع فيه مجلدين أورد فيهما طرقه وألفاظه ، وساق الغث والسمين ، والصحيح والسقيم ، على ما جرت به عادة كثير من المحدثين ، يوردون ما وقع لهم في ذلك الباب من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه ، وكذلك أبو جعفر محمد بن جرير الطبري أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة ، ونحن نورد عيون ما روي في ذلك ، مع إعلامنا أنه لا حظ الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر للشيعة فيه ، ولا متمسك لهم ولا دليل ، لما سنبينه وننبه عليه ، فنقول وبالله المستعان :
قال محمد بن إسحاق في سياق حجة الوداع : حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال : لما أقبل علي من اليمن ليلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، تعجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه ، فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي ، فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم ، فإذا عليهم الحلل ، قال ويلك ! ما هذا ؟ قال : كسوت القوم ; ليتجملوا به إذا قدموا في الناس . قال : ويلك ! انزع قبل أن تنتهي به إلى رسول [ ص: 667 ] الله صلى الله عليه وسلم . قال : فانتزع الحلل من الناس ، فردها في البز . قال : وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم .
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم ، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة ، عن عمته زينب بنت كعب - وكانت عند - عن أبي سعيد الخدري أبي سعيد قال : اشتكى الناس عليا ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا ، فسمعته يقول : " أيها الناس ، لا تشكو عليا ، فوالله إنه لأخشن في ذات الله - أو في سبيل الله - من أن يشكى " . ورواه الإمام أحمد ، من حديث محمد بن إسحاق به ، وقال : " " . إنه لأخشن في ذات الله ، أو في سبيل الله
وقال الإمام أحمد : حدثنا ، ثنا الفضل بن دكين ابن أبي غنية ، عن الحكم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن بريدة قال : غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة ، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عليا فتنقصته ، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير ، فقال : " يا بريدة ، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ " قلت : بلى يا رسول الله . قال : " " . من كنت مولاه فعلي مولاه وكذا رواه عن النسائي أبي داود الحراني ، عن عن [ ص: 668 ] أبي نعيم الفضل بن دكين عبد الملك بن أبي غنية بإسناده نحوه . وهذا إسناد جيد قوي رجاله كلهم ثقات .
وقد روى في " سننه " عن النسائي ، عن محمد بن المثنى يحيى بن حماد ، عن أبي عوانة ، عن الأعمش ، ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ، عن أبي الطفيل قال : زيد بن أرقم غدير خم ، أمر بدوحات فقممن ، ثم قال : " كأني قد دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " . ثم قال : " الله مولاي ، وأنا ولي كل مؤمن " . ثم أخذ بيد علي فقال : " من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . فقلت لزيد : سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينيه وسمعه بأذنيه . تفرد به لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ، ونزل من هذا الوجه . قال شيخنا النسائي أبو عبد الله الذهبي : وهذا حديث صحيح .
وقال ابن ماجه : حدثنا علي بن محمد ، أنبأنا أبو الحسين ، أنبأنا حماد بن [ ص: 669 ] سلمة ، عن ، عن علي بن زيد بن جدعان عدي بن ثابت ، عن قال : البراء بن عازب أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته التي حج ، فنزل في بعض الطريق ، فأمر : الصلاة جامعة . فأخذ بيد علي فقال : " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ " قالوا : بلى . قال : " ألست أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ " قالوا : بلى . قال : " فهذا ولي من أنا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . وكذا رواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ، عن علي بن زيد بن جدعان عدي ، عن البراء .
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : ثنا والحسن بن سفيان هدبة ، ثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد وأبي هارون ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء قال : غدير خم كسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين ، ونودي في الناس : الصلاة جامعة . ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وأخذ بيده ، فأقامه عن يمينه فقال : " ألست أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ " قالوا : بلى . قال : " فهذا موالي من أنا مواليه ، ومولى من أنا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . فلقيه عمر بن الخطاب فقال : [ ص: 670 ] هنيئا لك ، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة . ورواه كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فلما أتينا على ابن جرير ، عن أبي زرعة ، عن موسى بن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد ، وأبي هارون العبدي - وكلاهما ضعيف - عن عدي بن ثابت ، عن به . وروى البراء بن عازب ابن جرير هذا الحديث من حديث موسى بن عثمان الحضرمي - وهو ضعيف جدا - عن ، عن أبي إسحاق السبيعي البراء . فالله أعلم . وزيد بن أرقم
وقال الإمام أحمد : حدثنا ابن نمير ، ثنا عبد الملك ، عن أبي عبد الرحيم الكندي ، عن ، قال : زاذان أبي عمر سمعت عليا بالرحبة وهو ينشد الناس : من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم وهو يقول ما قال ؟ قال : فقام اثنا عشر رجلا ، فشهدوا أنهم سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : " من كنت مولاه فعلي مولاه " تفرد به أحمد . وأبو عبد الرحيم هذا لا يعرف .
وقال في مسند أبيه : حدثنا عبد الله بن الإمام أحمد علي بن حكيم الأودي ، أخبرنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن وهب ، وعن زيد بن يثيع ، قالا : نشد علي الناس في الرحبة : من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم إلا قام . قال : فقام من قبل سعيد ستة ، ومن قبل زيد ستة ، فشهدوا [ ص: 671 ] أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي يوم غدير خم : " أليس الله أولى بالمؤمنين ؟ " قالوا : بلى . قال : " اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه "
قال عبد الله : وحدثني علي بن حكيم ، أنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو ذي مر بمثل حديث أبي إسحاق ، يعني عن سعيد وزيد ، وزاد فيه : " وانصر من نصره ، واخذل من خذله " .
قال عبد الله : وحدثنا علي ، ثنا شريك ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ، عن أبي الطفيل ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . زيد بن أرقم
وقال في كتاب " خصائص النسائي علي " : حدثنا الحسين بن حريث ، ثنا الفضل بن موسى ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن وهب قال : قال علي في الرحبة : أنشد بالله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم يقول : " إن الله وليي وأنا ولي المؤمنين ، ومن كنت وليه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره " . وكذلك رواه شعبة عن أبي إسحاق . وهذا إسناد جيد .
[ ص: 672 ] ورواه أيضا من حديث النسائي إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو ذي مر قال : نشد علي الناس بالرحبة ، فقام أناس فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم " من كنت مولاه فإن عليا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ، وانصر من نصره " . ورواه ابن جرير عن أحمد بن منصور ، عن عبد الرزاق ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن وهب ، وعبد خير ، عن علي . وقد رواه ابن جرير عن أحمد بن منصور ، عن ، وهو شيعي ثقة ، عن عبيد الله بن موسى فطر بن خليفة ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن وهب ، وزيد بن يثيع ، وعمرو ذي مر ، أن عليا نشد الناس بالكوفة . وذكر الحديث .
وقال عبد الله بن أحمد : حدثني عبيد الله بن عمر القواريري ، ثنا يونس بن أرقم ، ثنا ، عن يزيد بن أبي زياد عبد الرحمن بن أبي ليلى : شهدت عليا في الرحبة ينشد الناس ، فقال : أنشد الله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم يقول : " من كنت مولاه فعلي مولاه " . لما قام فشهد . قال عبد الرحمن : فقام [ ص: 673 ] اثنا عشر بدريا ، كأني أنظر إلى أحدهم ، فقالوا : نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم : " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وأزواجي أمهاتهم ؟ " فقلنا : بلى يا رسول الله . قال : " فمن كنت مولاه ، فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . إسناد ضعيف غريب .
وقال عبد الله بن أحمد : حدثنا أحمد بن عمر الوكيعي ، ثنا ، ثنا زيد بن الحباب الوليد بن عقبة بن نزار العنسي ، أنبأنا سماك بن عبيد بن الوليد العنسي قال : دخلت على عبد الرحمن بن أبي ليلى ، فحدثني أنه شهد عليا في الرحبة قال : أنشد الله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهده يوم غدير خم إلا قام ، ولا يقوم إلا من قد رآه . فقام اثنا عشر رجلا ، فقالوا : قد رأيناه وسمعناه حيث أخذ بيده يقول : " اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله " . فقام إلا ثلاثة لم يقوموا ، فدعا عليهم فأصابتهم دعوته . وروي أيضا عن عبد الأعلى بن عامر الثعلبي وغيره ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به .
[ ص: 674 ] وقال ابن جرير ثنا أحمد بن منصور ، ثنا ، ( ح ) وروى أبو عامر العقدي ابن أبي عاصم ، عن سليمان الغيلاني ، عن ، ثنا أبي عامر العقدي كثير بن زيد ، حدثني محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه ، عن علي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حضر الشجرة بخم . فذكر الحديث ، وفيه : " من كنت مولاه فإن عليا مولاه " وقد رواه بعضهم عن أبي عامر ، عن كثير ، عن محمد بن عمر بن علي ، عن علي منقطعا .
وقال - وهو ضعيف - عن إسماعيل بن عمرو البجلي مسعر ، عن طلحة بن مصرف ، عن ، أنه شهد عميرة بن سعد عليا على المنبر يناشد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سمع رسول الله يوم غدير خم ؟ فقام اثنا عشر رجلا منهم ، أبو هريرة وأبو سعيد ، ، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كنت مولاه وأنس بن مالك فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " . وقد رواه عن عبيد الله بن موسى هانئ بن أيوب - وهو ثقة - عن طلحة بن مصرف به .
وقال عبد الله بن أحمد : حدثني حجاج بن الشاعر ، ثنا شبابة ، ثنا نعيم بن حكيم ، حدثني أبو مريم ورجل من جلساء علي ، عن علي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خم " من كنت مولاه فعلي مولاه " . قال : فزاد الناس بعد : " وال من والاه ، وعاد من عاداه " روى أبو داود بهذا السند حديث المخدج .
[ ص: 675 ] وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين بن محمد وأبو نعيم المعنى قالا : ثنا فطر ، عن قال : أبي الطفيل جمع علي الناس في الرحبة - يعني رحبة مسجد الكوفة - فقال : أنشد الله كل من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام . فقام ثلاثون من الناس . وقال أبو نعيم : فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذ بيده ، فقال للناس : " أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ " قالوا : نعم يا رسول الله . قال : " من كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . قال : فخرجت كأن في نفسي شيئا ، فلقيت ، فقلت له : إني سمعت زيد بن أرقم عليا يقول كذا وكذا . قال : فما تنكر ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك له . هكذا ذكره الإمام أحمد في مسند ، رضي الله عنه . ورواه زيد بن أرقم من حديث النسائي الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ، عن أبي الطفيل به ، وقد تقدم . زيد بن أرقم
وأخرجه الترمذي عن بندار ، عن غندر ، عن شعبة عن سلمة بن كهيل ، سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة أو - شك زيد بن أرقم شعبة - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه " . ورواه ابن جرير عن أحمد بن حازم ، عن أبي نعيم ، عن كامل أبي العلاء ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن [ ص: 676 ] يحيى بن جعدة ، عن . زيد بن أرقم
وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، ثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن أبي عبيد ، عن ميمون أبي عبد الله قال : قال وأنا أسمع : زيد بن أرقم نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا يقال له : وادي خم . فأمر بالصلاة فصلاها بهجير . قال : فخطبنا وظلل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب على شجرة سمر من الشمس فقال : " ألستم تعلمون - أو : ألستم تشهدون - أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ " قالوا : بلى . قال : " فمن كنت مولاه فإن عليا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " ثم رواه أحمد عن غندر ، عن شعبة ، عن ميمون أبي عبد الله ، عن ، إلى قوله : " من كنت مولاه زيد بن أرقم فعلي مولاه " . قال ميمون : حدثني بعض القوم عن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . وهذا إسناد جيد رجاله ثقات على شرط السنن ، وقد صحح الترمذي بهذا السند حديثا في الزيت .
وقال الإمام أحمد : ثنا ، ثنا يحيى بن آدم حنش بن الحارث بن لقيط الأشجعي ، عن رياح بن الحارث قال : جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا : [ ص: 677 ] السلام عليك يا مولانا . قال : كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب ؟! قالوا : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم يقول : " من كنت مولاه فهذا مولاه " . قال رياح : فلما مضوا تبعتهم فسألت : من هؤلاء ؟ قالوا : نفر من الأنصار فيهم . أبو أيوب الأنصاري
وقال الإمام أحمد : ثنا أبو أحمد ، ثنا حنش ، عن رياح بن الحارث ، قال : رأيت قوما من الأنصار قدموا على علي في الرحبة ، فقال : من القوم ؟ فقالوا : مواليك يا أمير المؤمنين . فذكر معناه هذا لفظه وهو من أفراده .
وقال ابن جرير ثنا أحمد بن عثمان أبو الجوزاء ، ثنا محمد بن خالد بن عثمة ، ثنا موسى بن يعقوب الزمعي - وهو صدوق - حدثني مهاجر بن مسمار ، عن عائشة بنت سعد ، سمعت أباها يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الجحفة ، وأخذ بيد علي فخطب فحمد الله وأثنى ، ثم قال : " أيها الناس ، إني وليكم " . قالوا : صدقت . فرفع يد علي فقال : " هذا وليي والمؤدي عني ، وإن الله موالي من والاه ، ومعادي من عاداه " . قال شيخنا الذهبي : وهذا حديث حسن غريب . ثم رواه ابن جرير من حديث يعقوب بن جعفر بن أبي كثير ، عن مهاجر بن مسمار ، فذكر الحديث ، وأنه ، عليه الصلاة والسلام ، وقف حتى لحقه من بعده ، وأمر برد من كان تقدم ، فخطبهم . الحديث .
[ ص: 678 ] وقال أبو جعفر بن جرير الطبري في الجزء الأول من كتاب " غدير خم " - قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي : وجدته في نسخة مكتوبة عن ابن جرير - : حدثنا محمد بن عوف الطائي ، ثنا ، أنبأنا عبيد الله بن موسى إسماعيل بن نشيط ، عن جميل بن عمارة ، عن - قال سالم بن عبد الله بن عمر ابن جرير أحسبه قال : عن عمر . وليس في كتابي - : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد علي : " من كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " وهذا حديث غريب ، بل منكر ، وإسناده ضعيف . قال في البخاري جميل بن عمارة هذا : فيه نظر .
وقال المطلب بن زياد عن ، سمع عبد الله بن محمد بن عقيل يقول : جابر بن عبد الله كنا بالجحفة بغدير خم ، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خباء أو فسطاط ، فأخذ بيد علي ، فقال : " من كنت مولاه فعلي مولاه " . قال شيخنا الذهبي : هذا حديث حسن . وقد رواه ابن لهيعة عن بكر بن سوادة وغيره ، عن ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن جابر بنحوه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن آدم وابن أبي بكير ، قالا : ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حبشي بن جنادة - قال وكان قد شهد [ ص: 679 ] حجة الوداع - قال : يحيى بن آدم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علي مني وأنا منه ، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي " . وقال ابن أبي بكير : " لا يقضي عني ديني إلا أنا أو علي " . وكذا رواه أحمد أيضا ، عن ، عن أبي أحمد الزبيري إسرائيل .
قال الإمام أحمد : وحدثناه الزبيري ، ثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن حبشي بن جنادة مثله . قال : فقلت لأبي إسحاق : أين سمعت منه ؟ قال : وقف علينا على فرس له في مجلسنا في جبانة السبيع . وكذا رواه أحمد عن أسود بن عامر ، ويحيى بن آدم ، عن شريك . ورواه الترمذي عن إسماعيل بن موسى ، عن شريك ، ، عن وابن ماجه أبي بكر بن أبي شيبة ، ، وسويد بن سعيد وإسماعيل بن موسى ، ثلاثتهم عن شريك به . ورواه عن النسائي أحمد بن سليمان ، عن ، عن يحيى بن آدم إسرائيل به . وقال الترمذي : حسن صحيح غريب .
ورواه سليمان بن قرم - وهو متروك - عن أبي إسحاق ، عن حبشي بن جنادة ، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم " من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " . وذكر الحديث .
[ ص: 680 ] وقال : ثنا الحافظ أبو يعلى الموصلي أبو بكر بن أبي شيبة ، أنبأنا شريك ، عن أبي يزيد الأودي ، عن أبيه قال : المسجد فاجتمع الناس إليه ، فقام إليه شاب فقال : أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كنت مولاه أبو هريرة فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه " ؟ قال : نعم . ورواه دخل ابن جرير عن أبي كريب ، عن شاذان ، عن شريك به . تابعه إدريس الأودي ، عن أخيه أبي يزيد - واسمه داود بن يزيد - به . ورواه ابن جرير أيضا من حديث إدريس وداود ، عن أبيهما ، عن ، فذكره . أبي هريرة
فأما الحديث الذي رواه ضمرة عن ابن شوذب ، عن ، عن مطر الوراق ، عن شهر بن حوشب قال : أبي هريرة علي قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه " . فأنزل الله عز وجل : " " ( المائدة : 3 ) . قال اليوم أكملت لكم دينكم : وهو يوم أبو هريرة غدير خم ، من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا . فإنه حديث منكر جدا ، بل كذب ; لمخالفته لما ثبت في " الصحيحين " عن أمير المؤمنين لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد عمر بن الخطاب أن هذه الآية نزلت في يوم الجمعة يوم عرفة ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بها كما قدمنا . وكذا قوله أن صيام يوم الثامن عشر من ذي الحجة وهو يوم [ ص: 681 ] غدير خم يعدل صيام ستين شهرا لا يصح ; لأنه قد ثبت ما معناه في " الصحيح " أن صيام شهر رمضان بعشرة أشهر فكيف يكون صيام يوم واحد يعدل ستين شهرا ؟! هذا باطل . وقد قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي بعد إيراده هذا الحديث : هذا حديث منكر جدا ورواه ، حبشون الخلال وأحمد بن عبد الله بن أحمد النيري - وهما صدوقان - عن علي بن سعيد الرملي ، عن ضمرة . قال : ويروى هذا الحديث من حديث عمر بن الخطاب ومالك بن الحويرث وأنس بن مالك وأبي سعيد وغيرهم بأسانيد واهية . قال وصدر الحديث متواتر ، أتيقن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله وأما : " اللهم وال من والاه " . فزيادة قوية الإسناد وأما هذا الصوم فليس بصحيح ; ولا والله ما نزلت هذه الآية إلا يوم عرفة قبل غدير خم بأيام . والله تعالى أعلم .
وقال : حدثنا الطبراني علي بن إسحاق الوزير الأصبهاني ، حدثنا محمد بن عمر بن علي المقدمي ، حدثنا علي بن محمد بن يوسف بن سنان بن مالك بن مسمع ، حدثنا سهل بن يوسف بن سهل بن مالك أخي كعب بن مالك ، عن أبيه عن ، جده قال : المدينة من حجة [ ص: 682 ] الوداع صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " يا أيها الناس ، إن أبا بكر لم يسؤني قط ، فاعرفوا ذلك له ، يا أيها الناس ، إني عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد والمهاجرين الأولين ، راض فاعرفوا ذلك لهم ، أيها الناس ، وعبد الرحمن بن عوف ، أيها الناس ، ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين وإذا مات أحد منهم فقولوا فيه خيرا " . احفظوني في أصحابي وأصهاري وأختاني لا يطلبنكم الله بمظلمة أحد منهم لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم