فصل ( بمنى حيث المسجد اليوم ) نزول النبي صلى الله عليه وسلم
ثم نزل عليه الصلاة والسلام بمنى حيث المسجد اليوم فيما يقال ، وأنزل المهاجرين يمنته والأنصار يسرته ، والناس حولهم من بعدهم .
وقال الحافظ : أنبأنا البيهقي أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا علي بن محمد بن عقبة الشيباني بالكوفة ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري ، ثنا ، أنبأنا عبيد الله بن موسى إسرائيل ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن يوسف بن ماهك ، عن أم مسيكة ، عن عائشة ، قالت : قيل : يا رسول الله ، ألا نبني لك بمنى بناء يظلك ؟ قال : " لا ; منى مناخ من سبق " . وهذا إسناد لا بأس به ، وليس هو في " المسند " ، ولا في الكتب الستة من هذا الوجه .
وقال أبو داود : ثنا أبو بكر محمد بن خلاد الباهلي ، ثنا يحيى ، عن ابن [ ص: 645 ] جريج ، أخبرني حريز - أو أبو حريز ، الشك من يحيى - أنه عبد الرحمن بن فروخ يسأل ابن عمر قال : إنا نتبايع بأموال الناس ، فيأتي أحدنا مكة فيبيت على المال . فقال : أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فبات بمنى وظل . انفرد به سمع أبو داود .
ثم قال أبو داود : ثنا ، ثنا عثمان بن أبي شيبة ابن نمير وأبو أسامة ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته ، فأذن له . وهكذا رواه استأذن البخاري ومسلم من حديث ، زاد عبد الله بن نمير : البخاري زاد وأبي ضمرة أنس بن عياض مسلم : . وقد علقه وأبي أسامة حماد بن أسامة ، عن البخاري أبي أسامة وعقبة بن خالد كلهم عن عبيد الله بن عمر به . وقد كان صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه بمنى ركعتين ، كما ثبت عنه ذلك في " الصحيحين " من حديث ابن مسعود وحارثة بن وهب ، رضي الله عنهما ، ولهذا ذهب طائفة من العلماء إلى أن سبب هذا القصر النسك ، كما هو قول طائفة من المالكية وغيرهم ; قالوا : ومن قال أنه ، عليه الصلاة والسلام كان يقول بمنى لأهل مكة فقد غلط ، إنما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو نازل " أتموا ، فإنا قوم سفر " . بالأبطح ، كما تقدم . والله أعلم . وكان صلى الله عليه وسلم يرمي [ ص: 646 ] منى بعد الزوال - كما قال الجمرات الثلاث في كل يوم من أيام جابر فيما تقدم - ماشيا كما قال ابن عمر فيما سلف ، كل جمرة بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة ، ويقف عند الأولى وعند الثانية يدعو الله ، عز وجل ، ولا يقف عند الثالثة .
قال أبو داود : ثنا علي بن بحر وعبد الله بن سعيد ، المعنى ، قالا : ثنا أبو خالد الأحمر ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر ، ثم رجع إلى منى ، فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس ، كل جمرة بسبع حصيات ، ويكبر مع كل حصاة ، ويقف عند الأولى والثانية فيطيل القيام ويتضرع ، ويرمي الثالثة ولا يقف عندها . انفرد به أبو داود .
وروى من غير وجه عن البخاري ، عن يونس بن يزيد الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر ، أنه جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ، ولا يقف عندها ، ثم ينصرف ، فيقول : هكذا رأيت [ ص: 647 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله . كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات ، يكبر على إثر كل حصاة ، ثم يتقدم حتى يسهل ، فيقوم مستقبل القبلة طويلا ، ويدعو ويرفع يديه ، ثم يرمي الوسطى ، ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل ، فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلا ، ويدعو ويرفع يديه ويقوم طويلا ، ثم يرمي
وقال وبرة بن عبد الرحمن : قام ابن عمر عند العقبة بقدر قراءة سورة " البقرة " . وقال أبو مجلز : حزرت قيامه بقدر قراءة سورة " يوسف " . ذكرهما . البيهقي
وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن أبيه ، عن أبي البداح ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا يوما ، ويدعوا يوما .
وقال أحمد : ثنا ، وأنا محمد بن بكر روح ، ثنا ، ، أخبرني ابن جريج محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو ، عن أبيه ، عن أبي البداح بن عاصم بن عدي ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص للرعاء أن يتعاقبوا فيرموا يوم النحر ، ثم يدعوا يوما وليلة ، ثم يرموا الغد .
وقال الإمام أحمد : ثنا عبد الرحمن ، ثنا مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن أبيه ، عن أبي البداح بن عاصم بن عدي ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 648 ] رخص لرعاء الإبل في البيتوتة عن منى ; يرمون يوم النحر ، ثم يرمون الغد أو من بعد الغد اليومين ، ثم يرمون يوم النفر . وكذا رواه عن عبد الرزاق ، عن مالك بنحوه . وقد رواه أهل السنن الأربعة من حديث مالك ، ومن حديث سفيان بن عيينة به . قال الترمذي : ورواية مالك أصح ، وهو حديث حسن صحيح .