ذكر مستند أولا ، ثم بعد ذلك صرفه إلى معين من قال : أنه عليه الصلاة والسلام أطلق الإحرام ، ولم يعين حجا ولا عمرة
وقد حكي عن أنه الأفضل ، إلا أنه قول ضعيف . قال الشافعي رحمه الله : أنبأنا الشافعي سفيان ، أنبأنا ابن طاوس ، وإبراهيم بن ميسرة ، سمعا يقول : طاوسا المدينة لا يسمي حجا ولا عمرة ينتظر القضاء ، فنزل عليه القضاء ، وهو بين الصفا والمروة ، فأمر أصحابه : من كان منهم [ ص: 493 ] أهل بالحج ولم يكن معه هدي ، أن يجعلها عمرة ، وقال : " لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ،، فليس لي محل إلا محل هديي " . فقام إليه ولكن لبدت رأسي وسقت هديي سراقة بن مالك فقال : يا رسول الله ، اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم ; أعمرتنا هذه لعامنا هذا ، أم للأبد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بل للأبد ، " . قال : فدخل دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة علي من اليمن فسأله النبي صلى الله عليه وسلم : " بم أهللت ؟ " فقال أحدهما عن طاوس : قلت : . وقال الآخر : لبيك حجة النبي صلى الله عليه وسلم . لبيك إهلال النبي صلى الله عليه وسلم وهذا مرسل خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من طاوس ، وفيه غرابة . وقاعدة ، رحمه الله ، أنه الشافعي اللهم إلا أن يكون عن كبار التابعين كما عول عليه كلامه في " الرسالة " ; لأن الغالب أنهم لا يرسلون إلا عن الصحابة . والله أعلم . وهذا المرسل ليس من هذا القبيل ، بل هو مخالف للأحاديث المتقدمة كلها ; أحاديث الإفراد وأحاديث التمتع وأحاديث القران ، وهي مسندة صحيحة كما تقدم ، فهي مقدمة عليه ; ولأنها مثبتة أمرا نفاه هذا المرسل ، لا يقبل المرسل بمجرده حتى يعتضد بغيره ، ، فكيف والمسند صحيح والمرسل من حيث لا ينهض حجة لانقطاع سنده . والله تعالى أعلم . والمثبت مقدم على النافي لو تكافآ
وقال الحافظ : أنبأنا أبو بكر البيهقي أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو العباس الأصم حدثنا العباس بن محمد الدوري ، حدثنا محاضر ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت : صفية بنت حيي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " حلقى عقرى ، ما أراها إلا حابستكم " . قال : " هل كنت طفت يوم النحر ؟ " قالت : نعم . قال : " فانفري " . قالت : قلت : يا رسول الله إني لم أكن أهللت . قال : " فاعتمري من فلما كانت ليلة النفر حاضت التنعيم " . قال : فخرج معها أخوها . قالت : فلقينا مدلجا ، فقال : " موعدك كذا وكذا " هكذا رواه خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر [ ص: 494 ] حجا ولا عمرة ، فلما قدمنا أمرنا أن نحل ، . البيهقي
وقد رواه عن البخاري - عن محمد - قيل : هو ابن يحيى الذهلي محاضر بن المورع به ، إلا أنه قال : قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج . وهذا أشبه بأحاديثها المتقدمة .
لكن روى مسلم ، عن ، عن سويد بن سعيد علي بن مسهر ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر حجا ولا عمرة .
وقد أخرجه البخاري ومسلم من حديث منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود [ ص: 495 ] عنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلا أنه الحج . وهذا أصح وأثبت . والله أعلم . وفي رواية لها من هذا الوجه : خرجنا نلبي ولا نذكر حجا ولا عمرة .
وهو محمول على أنهم لا يذكرون ذلك مع التلبية ، وإن كانوا قد سموه حال الإحرام ، كما في حديث أنس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لبيك اللهم حجا وعمرة " . قال أنس : وسمعتهم يصرخون بهما جميعا .
فأما الحديث الذي رواه مسلم من حديث ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي نضرة جابر قالا : وأبي سعيد الخدري والله أعلم . قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نصرخ بالحج صراخا ، فإنه حديث مشكل على هذا .