زياد بن الحارث الصدائي رضي الله عنه وفادة
قال : أنبأنا الحافظ البيهقي أبو أحمد الأسداباذي بها أنبأنا أبو بكر [ ص: 240 ] أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ، ثنا أبو علي بشر بن موسى ، حدثنا ، عن أبو عبد الرحمن المقرئ ، حدثني عبد الرحمن بن زياد بن أنعم زياد بن نعيم الحضرمي سمعت زياد بن الحارث الصدائي يحدث قال : الصدائي : وكتبت إليهم كتابا ، فقدم وفدهم بإسلامهم ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أخا صداء إنك لمطاع في قومك " . فقلت : بل الله هداهم للإسلام . فقال : " أفلا أؤمرك عليهم ؟ " قلت : بلى يا رسول الله . قال : فكتب لي كتابا أمرني فقلت : يا رسول الله ، مر لي بشيء من صدقاتهم . قال : " نعم " . فكتب لي كتابا آخر . قال الصدائي : وكان ذلك في بعض أسفاره ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا ، فأتاه أهل ذلك المنزل يشكون عاملهم ، ويقولون : أخذنا بشيء كان بيننا وبين قومه في الجاهلية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أو فعل ذلك ؟ " قالوا : نعم . فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وأنا فيهم ، فقال : " " . قال لا خير في الإمارة لرجل مؤمن الصدائي : فدخل قوله في نفسي ، ثم أتاه آخر فقال : يا رسول الله أعطني . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " . فقال السائل : فأعطني من الصدقة . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله [ ص: 341 ] لم يرض في الصدقات بحكم نبي ولا غيره ، حتى حكم هو فيها فجزأها ثمانية أجزاء ، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك " . قال من سأل الناس عن ظهر غنى ، فصداع في الرأس وداء في البطن الصدائي : فدخل ذلك في نفسي أني غني وأني سألته من الصدقة . قال : ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتشى من أول الليل ، فلزمته وكنت قريبا ، فكان أصحابه ينقطعون عنه ويستأخرون منه ، ولم يبق معه أحد غيري ، فلما كان أوان صلاة الصبح أمرني فأذنت ، فجعلت أقول : أقيم يا رسول الله ؟ فجعل ينظر ناحية المشرق إلى الفجر ويقول : " لا " . حتى إذا طلع الفجر نزل فتبرز ، ثم انصرف إلي وهو متلاحق أصحابه فقال : " هل من ماء يا أخا صداء ؟ " قلت لا ، إلا شيء قليل لا يكفيك . فقال : " اجعله في إناء ثم ائتني به " . ففعلت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا أني أستحي من ربي ، عز وجل ، لسقينا واستقينا ، ناد في أصحابي : من له حاجة في الماء ؟ " فناديت فيهم فأخذ من أراد منهم شيئا ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ، فأراد فوضع كفه في الماء قال : فرأيت بين أصبعين من أصابعه عينا تفور بلال أن يقيم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أخا صداء أذن ، ومن أذن فهو يقيم " . قال الصدائي : فأقمت ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أتيته بالكتابين ، فقلت : يا رسول الله ، أعفني من هذين . فقال : " ما بدا لك ؟ " فقلت : سمعتك يا رسول الله تقول : " لا خير في الإمارة لرجل مؤمن " . وأنا أومن بالله وبرسوله ، وسمعتك تقول للسائل : " من سأل الناس عن ظهر غنى فهو صداع ، في الرأس ، وداء في البطن " . وسألتك وأنا غني . فقال : [ ص: 342 ] " هو ذاك فإن شئت فاقبل وإن شئت فدع " . فقلت : أدع . فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فدلني على رجل أؤمره عليكم " . فدللته على رجل من الوفد الذين قدموا عليه ، فأمره عليهم ، ثم قلنا : يا رسول الله إن لنا بئرا إذا كان الشتاء وسعنا ماؤها واجتمعنا عليها ، وإذا كان الصيف قل ماؤها فتفرقنا على مياه حولنا ، وقد أسلمنا ، وكل من حولنا عدو ، فادع الله لنا في بئرنا ، فيسعنا ماؤها فنجتمع عليه ولا نتفرق . فدعا بسبع حصيات فعركهن بيده ودعا فيهن ، ثم قال : " اذهبوا بهذه الحصيات ، فإذا أتيتم البئر فألقوا واحدة واحدة ، واذكروا الله " . قال الصدائي : ففعلنا ما قال لنا ، فما استطعنا بعد ذلك أن ننظر إلى قعرها . يعني البئر . وهذا الحديث له شواهد في " سنن أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته على الإسلام ، فأخبرت أنه قد بعث جيشا إلى قومي ، فقلت : يا رسول الله ، اردد الجيش ، وأنا لك بإسلام قومي وطاعتهم . فقال لي : " اذهب فردهم " . فقلت : يا رسول الله ، إن راحلتي قد كلت ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فردهم . قال أبي داود " والترمذي . وابن ماجه
وقد ذكر الواقدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعث بعد عمرة الجعرانة ، في أربعمائة إلى بلاد قيس بن سعد بن عبادة صداء فيوطئها ، فبعثوا رجلا منهم فقال : جئتك لترد عن قومي الجيش ، وأنا لك بهم ثم قدم وفدهم خمسة عشر رجلا ، ثم رأى منهم حجة الوداع مائة رجل . ثم روى الواقدي ، عن الثوري ، عن ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم زياد بن نعيم ، عن زياد بن الحارث الصدائي قصته في الأذان .
3