قال ابن إسحاق : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد هوازن وسألهم عن مالك بن عوف " ما فعل؟ " فقالوا : هو بالطائف مع ثقيف . فقال صلى الله عليه وسلم : [ ص: 103 ] " أخبروه أنه إن أتاني مسلما رددت إليه أهله وماله وأعطيته مائة من الإبل " . فلما بلغ ذلك انسل من مالكا ثقيف ، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة - أو بمكة - فأسلم وحسن إسلامه ، فرد عليه أهله وماله ، وأعطاه مائة من الإبل ، فقال مالك بن عوف رضي الله عنه :
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله في الناس كلهم بمثل محمد أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدي
ومتى تشأ يخبرك عما في غد وإذا الكتيبة عردت أنيابها
بالسمهري وضرب كل مهند فكأنه ليث على أشباله
وسط الهباءة خادر في مرصد
وقال : ثنا البخاري موسى بن إسماعيل ثنا جرير بن حازم ثنا الحسن حدثني عمرو بن تغلب رضي الله عنه ، قال : أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما ومنع آخرين ، فكأنهم عتبوا عليه ، فقال : " إني أعطي قوما أخاف ظلعهم وجزعهم ، [ ص: 104 ] وأكل قوما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الخير والغنى ، منهم عمرو بن تغلب " . قال عمرو : فما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم . زاد أبو عاصم عن جرير سمعت الحسن ثنا عمرو بن تغلب بهذا . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بمال - أو سبي - فقسمه . . .
وفي رواية قال : للبخاري أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال - أو بشيء - فأعطى رجالا وترك رجالا ، فبلغه أن الذين ترك عتبوا ، فخطبهم فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " أما بعد " . فذكر مثله سواء . تفرد به . البخاري
وقد ذكر ابن هشام أن حسان بن ثابت رضي الله عنه قال فيما كان من أمر الأنصار وتأخرهم عن الغنيمة :
زادت هموم فماء العين منحدر سحا إذا حفلته عبرة درر
وجدا بشماء إذ شماء بهكنة هيفاء لا ذنن فيها ولا خور
دع عنك شماء إذ كانت مودتها نزرا وشر وصال الواصل النزر
وأت الرسول فقل يا خير مؤتمن للمؤمنين إذا ما عدد البشر
علام تدعى سليم وهي نازحة قدام قوم هم آووا وهم نصروا
[ ص: 105 ] سماهم الله أنصارا بنصرهم دين الهدى وعوان الحرب تستعر
وسارعوا في سبيل الله واعترفوا للنائبات وما خانوا وما ضجروا
والناس ألب علينا فيك ليس لنا إلا السيوف وأطراف القنا وزر
نجالد الناس لا نبقي على أحد ولا نضيع ما توحي به السور
ولا تهر جناة الحرب نادينا ونحن حين تلظى نارها سعر
كما رددنا ببدر دون ما طلبوا أهل النفاق وفينا ينزل الظفر
ونحن جندك يوم النعف من أحد إذ حزبت بطرا أحزابها مضر
فما ونينا وما خمنا وما خبروا منا عثارا وكل الناس قد عثروا