[ ص: 310 ] ثم دخلت
استهلت والخليفة والحكام هم المباشرون في التي قبلها ، غير أن سنة تسع وعشرين وسبعمائة قطب الدين ابن شيخ السلامية اشتغل بنظر الجيش .
وفي المحرم طلب القاضي محيي الدين بن فضل الله كاتب سر دمشق ، وولده الصدر شهاب الدين ، وشرف الدين بن شمس الدين بن الشهاب محمود - إلى مصر على البريد ، فباشر القاضي الصدر الكبير محيي الدين المذكور كتابة السر بها عوضا عن علاء الدين بن الأثير; لمرض اعتراه ، وأقام عنده ولده شهاب الدين ، وأقبل شرف الدين بن الشهاب محمود إلى دمشق على كتابة السر عوضا عن ابن فضل الله . وفيه ذهب ناصر الدين مشد الأوقاف ناظرا على القدس والخليل ، فعمر هناك عمارات كثيرة لملك الأمراء تنكز ، وفتح في الأقصى شباكين عن يمين المحراب وشماله ، وجاء الأمير نجم الدين داود بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن يوسف بن الزيبق من شد الدواوين بحمص إلى شدها بدمشق .
وفي يوم الخميس السادس والعشرين من صفر كمل دمشق ، وبسط الجامع جميعه ، وصلى الناس الجمعة به من الغد ، وفتح باب الزيادة ، وكان له أياما مغلقا ، وذلك في مباشرة ترخيم الحائط القبلي [ ص: 311 ] من جامع الصدر تقي الدين بن مراجل .
وفي ربيع الآخر قدم من مصر أولاد الأمير شمس الدين قراسنقر إلى دمشق ، فسكنوا في دار أبيهم داخل باب الفراديس في دهليز المقدمية ، وأعيدت عليهم أملاكهم المخلفة عن أبيهم ، وكانت تحت الحوطة ، فلما مات في تلك البلاد أفرج عنها أو أكثرها .
وفي يوم الجمعة آخر شهر ربيع الآخر أنزل الأمير جوبان وولده من قلعة المدينة النبوية ، وهما ميتان مصبران في توابيتهما ، فصلي عليهما بالمسجد النبوي ، ثم دفنا بالبقيع عن مرسوم السلطان ، وكان مراد جوبان أن يدفن في مدرسته ، فلم يمكن من ذلك . وفي هذا اليوم صلي بالمدينة النبوية على الشيخ تقي الدين ابن تيمية ، رحمه الله ، وعلى القاضي نجم الدين البالسي المصري - صلاة الغائب .
وفي يوم الاثنين منتصف جمادى الآخرة درس القاضي شهاب الدين أحمد بن جهبل بالمدرسة البادرائية ، عوضا عن شيخنا برهان الدين الفزاري ، توفي إلى رحمة الله تعالى ، وأخذ مشيخة دار الحديث منه حين ولي البادرائية - الحافظ شمس الدين الذهبي ، وحضرها في يوم الأربعاء سابع عشره ، ونزل عن خطابة كفر بطنى للشيخ جمال الدين المسلاتي المالكي ، فخطب بها يوم الجمعة تاسع عشره .
[ ص: 312 ] وفي أواخر هذا الشهر قدم نائب حلب الأمير سيف الدين أرغون إلى دمشق قاصدا باب السلطان ، فتلقاه نائب دمشق ، وأنزله بداره التي عند جامعه ، ثم سار نحو مصر ، فغاب نحوا من أربعين يوما ، ثم عاد راجعا إلى نيابة حلب .
وفي عاشر رجب طلب الصاحب تقي الدين بن عمر ابن الوزير شمس الدين بن السلعوس إلى مصر ، فولي نظر الدواوين بها حتى مات عن قريب .
وخرج الركب يوم السبت تاسع شوال ، وأميره سيف الدين بلطي ، وقاضيه شهاب الدين القيمري ، وفي الحجاج زوجة ملك الأمراء تنكز ، وفي خدمتها الطواشي شبل الدولة كافور ، وصدر الدين المالكي ، وصلاح الدين ابن أخي الصاحب تقي الدين توبة ، وأخوه شرف الدين ، والشيخ علي المغربي ، والشيخ عبد الله الضرير ، وجماعة .
وفي بكرة الأربعاء ثالث عشر شوال جلس القاضي ضياء الدين علي بن سليم بن ربيعة للحكم بالعادلية الكبيرة نيابة عن قاضي القضاة القونوي ، وعوضا عن الفخر المصري; بحكم نزوله عن ذلك وإعراضه عنه تاسع عشر رمضان من هذه السنة .
[ ص: 313 ] وفي يوم الجمعة سادس ذي القعدة بعد أذان الجمعة صعد إلى منبر جامع الحاكم بمصر الجاولي يقال له : أرضى ، فادعى أنه المهدي ، وسجع سجعات يسيرة على رأي الكهان ، فأنزل في شر خيبة ، وذلك قبل حضور الخطيب بالجامع المذكور . شخص من مماليك
وفي ذي القعدة وما قبله وما بعده من أواخر هذه السنة وأوائل الأخرى وسعت الطرقات والأسواق داخل دمشق وخارجها ، مثل سوق السلاح والرصيف ، والسوق الكبير ، وباب البريد ، ومسجد القصب إلى الزنجيلية ، وخارج باب الجابية إلى مسجد الذبان ، وغير ذلك من الأماكن التي كانت تضيق عن سلوك الناس ، وذلك بأمر تنكز ، وأمر بإصلاح القنوات ، واستراح الناس من ترشيش الماء عليهم بالنجاسات .
ثم في العشر الأخير من ذي الحجة رسم بقتل الكلاب ، فقتل منهم شيء كثير جدا ، ثم جمعوا خارج باب الصغير مما يلي باب كيسان في الخندق ، وفرق بين الذكور منهم والإناث; ليموتوا سريعا ولا يتوالدوا ، وكانت الجيف والميتات تنقل إليهم ، فاستراح الناس من النجاسة من الماء والكلاب ، وتوسعت لهم الطرقات .
وفي يوم الجمعة ثاني عشر ذي الحجة حضر مشيخة الشيوخ بالسميساطية قاضي القضاة شرف الدين المالكي بعد وفاة قاضي القضاة الشافعي القونوي ، وقرئ تقليده بالمشيخة بها ، وحضره الأعيان ، وأعيد إلى ما كان عليه .