شهاب الدين الرومي ، أحمد بن محمد بن إبراهيم المراغي ، درس بالمعينية ، وأم بمحراب الحنفية بمقصورتهم الغربية ، إذ كان محرابهم هناك ، وتولى مشيخة الخاتونية ، وكان يؤم بنائب السلطان الأفرم ، وكان يقرأ حسنا بصوت مليح ، وكانت له مكانة عنده ، وربما راح إليه الأفرم ماشيا حتى يدخل عليه زاويته التي أنشأها بالشرف الشمالي على الميدان الكبير ، ولما توفي بالمحرم ودفن الشيخ بالصوفية قام ولداه عماد الدين وشرف الدين في وظائفه .
، فخر الدين عثمان بن أبي الوفا بن نعمة الله الأعزازي ، كان ذا ثروة من المال ، كثير المروءة والتلاوة ، أدى الأمانة في ستين [ ص: 171 ] ألف دينار وجواهر ، حيث لا يعلم بها إلا الله عز وجل ، بعد ما مات صاحبها مجردا في الغزاة ، وهو الشيخ الصالح العدل الأمين عز الدين الجراحي نائب غزة ، أودعه إياها فأداها إلى أهلها ، أثابه الله ؛ ولهذا لما مات يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من ربيع الآخر - حضر جنازته خلق لا يعلمهم إلا الله تعالى ، حتى قيل : إنهم لم يجتمعوا في مثلها قبل ذلك . ودفن بباب الصغير ، رحمه الله .
جمال الدين أبو عبد الله محمد بن سليمان بن سومر الزواوي ، قاضي المالكية قاضي القضاة بدمشق من سنة سبع وثمانين وستمائة ، قدم مصر من المغرب ، واشتغل بها ، وأخذ عن مشايخها منهم الشيخ عز الدين بن عبد السلام ، ثم قدم دمشق قاضيا في سنة سبع وثمانين وستمائة ، وكان مولده تقريبا في سنة تسع وعشرين وستمائة ، وأقام شعار مذهب مالك ، وعمر الصمصامية في أيامه ، وجدد عمارة النورية ، وحدث ب " صحيح مسلم " ، و " موطأ مالك " ، عن يحيى بن يحيى ، عن مالك ، وكتاب " الشفا " ، وعزل قبل وفاته بعشرين يوما عن القضاء ، وهذا من خيره حيث لم يمت قاضيا ، توفي بالمدرسة الصمصامية يوم الخميس التاسع من جمادى الآخرة ، وصلي عليه بعد الجمعة ، [ ص: 172 ] ودفن للقاضي عياض بمقابر باب الصغير تجاه مسجد النارنج ، وحضر الناس جنازته ، وأثنوا عليه خيرا ، وقد جاوز الثمانين كمالك ، رحمه الله ، ولم يبلغ إلى سبع عشرة من عمره على مقتضى مذهبه أيضا .
القاضي الصدر الرئيس ، رئيس الكتاب ، شرف الدين أبو محمد عبد الوهاب بن جمال الدين فضل الله بن مجلي القرشي ، العدوي ، العمري ، ولد سنة تسع وعشرين وستمائة ، وسمع الحديث ، وخدم ، وارتفعت منزلته حتى كتب الإنشاء بمصر ، ثم نقل إلى كتابة السر بدمشق إلى أن توفي في ثامن رمضان ، ودفن بقاسيون ، وقد قارب التسعين وهو ممتع بحواسه وقواه ، وكانت له عقيدة حسنة في العلماء ، ولا سيما في ابن تيمية وفي الصلحاء ، رحمه الله ، وقد رثاه الشهاب محمود كاتب السر بعده بدمشق ، وعلاء الدين بن غانم ، وجمال الدين بن نباتة .
، شرف الدين أبو عبد الله الحسين بن الإمام [ ص: 173 ] كمال الدين علي بن إسحاق بن سلام الدمشقي الشافعي ، ولد سنة ثلاث وسبعين وستمائة ، واشتغل ، وبرع ، وحصل ، ودرس بالجاروخية ، والعذراوية ، وأعاد بالظاهرية ، وأفتى بدار العدل ، وكان واسع الصدر ، كثير الهمة ، كريم النفس ، مشكورا في فهمه ، وخطه ، وحفظه ، وفصاحته ، ومناظرته ، توفي في رابع عشرين رمضان ، وترك أولادا ، ودينا كثيرا ، فوفته عنه زوجته بنت زويزان ، تقبل الله منها ، وأحسن إليها . الفقيه الإمام ، العالم المناظر
الصاحب أنيس الملوك ، بدر الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الإربلي ، ولد سنة ثمان وثلاثين وستمائة ، واشتغل بالأدب فحصل على جانب جيد منه ، وارتزق عند الملوك به ، فمن رقيق شعره ما أورده الشيخ علم الدين في ترجمته قوله :
ومدامة حمراء تش به خد من أهوى ودمعي يسعى به قمر أعز
علي من نظري وسمعي
وغريرة هيفاء ناعمة السنا طوع العناق مريضة الأجفان
غنت وماس قوامها فكأنها ال ورقاء تسجع فوق غصن البان