فيها كانت وفاة المستنجد وخلافة ابنه المستضيء ; وذلك أن المستنجد كان قد مرض في أول هذه السنة ثم عوفي فيما يبدو للناس ، فعملت ضيافة عظيمة بسبب ذلك ، وفرح الناس بذلك ، ثم أدخله الحكيم إلى الحمام وعنده ضعف شديد فمات في الحمام ، رحمه الله ويقال : إن ذلك كان بإشارة بعض الدولة على الطبيب ; استعجالا لموته ، وكانت وفاته يوم السبت بعد الظهر ثاني ربيع الآخر عن ثمان وأربعين سنة ، وكانت مدة خلافته إحدى عشرة سنة وشهرا ، وكان من خيار الخلفاء وأعدلهم وأرفقهم بالرعايا ، ومنع عنهم المكوس والضرائب ، ولم يترك بالعراق مكسا ، وقد شفع إليه بعض أصحابه في رجل شرير وبذل فيه عشرة آلاف دينار ، فقال له الخليفة : أنا أعطيك عشرة آلاف دينار وائتني بمثله لأريح المسلمين من شره .
وكان المستنجد أسمر طويل اللحية ، وهو الثاني والثلاثين من العباسيين ، وذلك في الجمل لام باء ولهذا قال فيه بعض الأدباء :
[ ص: 445 ]
أصبحت لب بني العباس كلهم إن عددت بحساب الجمل الخلفا
وكان أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر وقد رأى في منامه رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة فكانت آخرهن قبل أن يلي بأربعة أيام وهو يقول له : قل اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت . . . دعاء القنوت بتمامه ، وصلي عليه يوم الأحد قبل الظهر ودفن بدار الخلافة ، ثم نقل إلى الترب من الرصافة .