[ ص: 406 ] ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وخمسمائة
فيها مات صاحب المغرب عبد المؤمن بن علي تلميذ ابن التومرت وخليفته من بعده في الملك بمدينة سلا ، حضره ابنه يوسف ، وحمله إلى مراكش في صفة أنه مريض ، فلما وصلها أظهر موته ، فعزاه الناس وبايعوه على الملك من بعده ، ولقبوه أمير المؤمنين ، وقد كان عبد المؤمن هذا حازما ، شجاعا ، جوادا ، معظما للشريعة ، وكان من لا يحافظ على الصلوات في زمانه يقتل ، ولكن كان سفاكا للدماء ، حتى على الذنب الصغير ، فالله يحكم فيه بما يشاء .
وفيها قتل الملك سيف الدين محمد بن علاء الدين الغوري ، قتله الغز ، وكان عادلا .
وفيها كبست الفرنج نور الدين وجيشه ، فانهزم المسلمون لا يلوي أحد على أحد ، ونهض الملك نور الدين فركب فرسه والشبحة في رجله ، فنزل رجل كردي فقطعها حتى سار السلطان نور الدين فنجا ، وأدركت الفرنج الكردي فقتلوه ، رحمه الله ، فأحسن نور الدين إلى ذريته ، وكان لا ينسى ذلك له .
وفيها أمر الخليفة بإجلاء بني أسد عن الحلة وقتل من تخلف منهم ، وذلك لإفسادهم ومكاتبتهم السلطان محمد شاه ، وتحريضهم له على حصار بغداد [ ص: 407 ] فقتل من بني أسد أربعة آلاف ، وخرج الباقون منها ، وتسلم نواب الخليفة الحلة المزيدية . وحج بالناس في هذه السنة الأمير أرغش .