[ ص: 309 ] ثم دخلت سنة ثلاثين وخمسمائة
فيها وقع بين الخليفة الراشد وبين السلطان مسعود بسبب أنه أرسل إلى الخليفة يطلب منه ما كان كتبه له والده المسترشد حين أسره ، التزم له بأربعمائة ألف دينار ، فامتنع من أداء ذلك وقال ليس بيننا وبينكم إلا السيف ، فوقع بينهما الخلف فاستجاش السلطان العساكر واستنهض الخليفة الأمراء وأرسل إلى عماد الدين زنكي ، فجاء والتف عليه خلائق ، وجاء في غبون ذلك السلطان داود بن محمود بن محمد بن ملكشاه فخطب له الخليفة ببغداد وخلع عليه وبايعه على الملك ، فتأكدت الوحشة بين السلطان والخليفة جدا ، وبرز الخليفة إلى ظاهر بغداد ، ومشى الجيش بين يديه كما كانوا يعاملون أباه قبله ، وذلك يوم الأربعاء سلخ شعبان ، وخرج السلطان داود من جانب آخر ، فلما بلغهم كثرة جيوش السلطان مسعود حسن عماد الدين زنكي للخليفة أن يذهب معه إلى الموصل ، واتفق دخول السلطان مسعود إلى بغداد في غيبتهم يوم الاثنين رابع شوال ، فاستحوذ على دار الخلافة بما فيها جميعه ، ثم استخلص من نساء الخليفة وحظاياه الحلي والمصاغ والثياب التي للزينة وغير ذلك ، وجمع القضاة والفقهاء وأبرز لهم خط الراشد أنه متى خرج من بغداد لقتال السلطان فقد خلع نفسه من الخلافة ، فأفتى من أفتى من الفقهاء بخلعه ، فخلع في يوم الاثنين سادس عشر شهر ذي القعدة بحكم الحاكم ، وفتيا أكثر الفقهاء [ ص: 310 ] وكانت خلافته أحد عشر شهرا وأحد عشر يوما ، واستدعى السلطان بعمه المقتفي بن المستظهر فبويع بالخلافة ، عوضا عن ابن أخيه . الراشد بالله