[ ص: 201 ] ثم دخلت
فيها جدد الخليفة الخلع على وزيره وأكرمه وعظمه أبي المعالي هبة الله بن محمد بن المطلب . سنة إحدى وخمسمائة من الهجرة
وفي ربيع الآخر منها دخل السلطان محمد إلى بغداد فتلقاه الوزير والأعيان ، وأحسن إلى أهلها ولم يتعرض أحد من جيشه إلى شيء ، وتغضب السلطان غياث الدين محمد على صدقة بن منصور الأسدي صاحب الحلة وتكريت بسبب أنه آوى رجلا من أعدائه يقال له : أبو دلف سرخاب الديلمي صاحب ساوة ، وبعث إليه ليرسله إليه ، فلم يفعل فأرسل إليه جيشا فهزموا جيشه ، وقد كان جيشه عشرين ألف فارس وثلاثين ألف راجل وقتل صدقة في المعركة وأسر جماعة من رءوس أصحابه ، وأخذوا من زوجته خمسمائة ألف دينار وجواهر نفيسة .
قال : وظهر في هذه السنة صبية عمياء تتكلم على أسرار الناس ، وبالغ الناس في الحيل ، ليعلموا حالها فلم يعلموا ، قال ابن الجوزي ابن عقيل : وأشكل أمرها على العلماء والخواص والعوام ، حتى إنها كانت تسأل عن نقوش [ ص: 202 ] الخواتم المقلوبة الصعبة ، وعن أنواع الفصوص وصفات الأشخاص ، وما في داخل البنادق من الشمع والطين والحب المختلف والخرز ، وبالغ أحدهم حتى ترك يده على ذكره فقيل لها : ما الذي في يده فقالت : يحمله إلى أهله وعياله .
وفيها قدم القاضي فخر الملك أبو عبيد علي بن عمار صاحب طرابلس إلى بغداد يستنفر المسلمين على الفرنج ، فأكرمه السلطان غياث الدين محمد إكراما زائدا ، وخلع عليه وبعث معه الجيوش الكثيرة لقتال الفرنج .