أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن إبراهيم بن أبي أيوب ، أبو بكر الفوركي ، سبط الأستاذ استوطن بغداد ، وكان متكلما يعظ الناس في النظامية فوقعت بسببه فتنة بين المذاهب قال أبي بكر بن فورك : وكان مؤثرا للدنيا لا يتحاشى من لبس الحرير ، وذكر أنه كان يأخذ مكس الفحم وكانت وفاته في هذه السنة وله نيف وستون سنة ودفن إلى جانب قبر ابن الجوزي الأشعري بمشرعة الروايا .
[ ص: 95 ] الحسن بن علي
أبو عبد الله المردوسي كان رئيس أهل زمانه وأكملهم مروءة ، كان قد خدم في أيام بني بويه وتأخر إلى هذا الحين وكانت الملوك تعظمه وتكاتبه بعبده وخادمه ، وكان كثير الصدقة والصلاة والبر ، وبلغ من العمر خمسا وتسعين سنة ، وأعد لنفسه قبرا وكفنا قبل موته بخمس سنين .
أبو سعد المتولي
عبد الرحمن بن المأمون بن علي أبو سعد المتولي مصنف " التتمة " ومدرس النظامية بعد وكان فصيحا بليغا ماهرا بعلوم كثيرة ، كانت وفاته في شوال من هذه السنة عن ثنتين وخمسين سنة رحمه الله وصلى عليه القاضي أبي إسحاق الشيرازي ، أبو بكر الشامي . ودفن بباب أبرز .
عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه ، أبو المعالي الجويني ، وجوين من قرى إمام الحرمين نيسابور ، الملقب بإمام الحرمين لمجاورته بمكة أربع سنين ، كان مولده في سنة تسع عشرة وأربعمائة سمع الحديث وتفقه على والده الشيخ ودرس [ ص: 96 ] بعده في حلقته وتفقه على القاضي حسين ودخل بغداد وتفقه بها وروى بها الحديث ، وخرج إلى مكة فجاور فيها أربع سنين ، ثم عاد إلى نيسابور فسلم إليه التدريس والخطابة والوعظ ، وصنف " نهاية المطلب في دراية المذهب " ، والبرهان في أصول الفقه وغير ذلك من علوم شتى ، واشتغل عليه الطلبة ورحلوا إليه من الأقطار ، وكان يحضر مجلسه ثلاثمائة متفقه وقد استقصيت ترجمته في " الطبقات " . أبي محمد الجويني ،
وكانت وفاته في الخامس والعشرين من ربيع الآخر من هذه السنة عن سبع وخمسين سنة ، ودفن بداره ثم نقل إلى جانب والده رحمه الله .
قال ابن خلكان كانت أمه جارية اشتراها والده من كسب يده من النسخ وأمرها ألا يرضعه غيرها فاتفق أن امرأة دخلت عليها فأرضعته مرة فأخذه الشيخ أبو محمد فنكسه ووضع يده على بطنه ووضع أصبعه في حلقه ولم يزل به حتى استقاء كل ما كان في بطنه من لبن تلك المرأة ، قال : فربما حصل في بعض مجالس المناظرة فتور فيقول : هذا من آثار تلك الرضعة ، قال : ولما عاد من الحجاز إلى بلده لإمام الحرمين نيسابور سلم إليه المحراب والمنبر والخطابة والتدريس ومجلس التذكير يوم الجمعة وبقي ثلاثين سنة غير مزاحم ولا مدافع وصنف في كل فن ، من ذلك " النهاية " الذي ما صنف في الإسلام مثله
[ ص: 97 ] قال الحافظ أبو جعفر سمعت الشيخ أبا إسحاق الشيرازي يقول : يا مفيد أهل المشرق والمغرب أنت اليوم إمام الأئمة . لإمام الحرمين
ومن تصانيفه " الشامل " في أصول الدين و " البرهان " في أصول الفقه و " تلخيص التقريب " و " الإرشاد " و " العقيدة النظامية " و " غياث الأمم " و " غياث الخلق " وغير ذلك مما أتمه ومما لم يتمه ، قال ولما مات في ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة صلى عليه ولده أبو القاسم وغلقت الأسواق وكسر تلاميذه أقلامهم ومحابرهم وكانوا أربعمائة ومكثوا كذلك سنة وقد رثي بمراث كثيرة فمن ذلك قول بعضهم :
قلوب العالمين على المقالي وأيام الورى شبه الليالي أيثمر غصن أهل العلم يوما
وقد مات الإمام أبو المعالي
أبو علي شيخ المعتزلة ، كان يدرس لهم فأنكر أهل السنة عليهم ، فلزم بيته خمسين سنة ، إلى أن توفي في ذي الحجة من هذه السنة ، ودفن في مقبرة الشونيزية وهذا هو الذي تناظر هو والشيخ أبو يوسف القزويني المعتزلي المفسر [ ص: 98 ] في إباحة الولدان في الجنة ، كما حكى ذلك ابن عقيل عنهما وكان حاضرهما فمال هذا إلى إباحة ذلك لكونه مأمون المفسدة هنالك ، وقال أبو يوسف إن هذا لا يكون ، ومن أين لك أنهم يكون لهم أدبار؟ وهذا العضو إنما خلق في الدنيا مخرجا للأذى ، وليس في الجنة شيء من ذلك فلا يحتاجون إليه ، ولا يكون لهذه المسألة صورة بالكلية .
وقد روى هذا الرجل حديثا واحدا عن شيخه أبي الحسين البصري بسنده المتقدم ، من طريق شعبة عن منصور عن عن ربعي بن حراش ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي مسعود البدري ، إذا لم تستح فاصنع ما شئت وقد رواه القعنبي عن شعبة ، ولم يرو عنه سواه ، فقيل لأنه لما رحل إليه دخل عليه وهو يبول على البالوعة فسأله أن يحدثه ، فروى له هذا الحديث كالواعظ له ، والتزم ألا يحدثه بغيره ، وقيل : لأن شعبة مر على القعنبي قبل أن يشتغل بعلم الحديث وكان إذ ذاك يعاني الشراب فسأله أن يحدثه فامتنع فسل سكينا وقال إن لم تحدثني وإلا قتلتك فروى له هذا الحديث ، فتاب وأناب ولزم ثم فاته السماع من مالكا شعبة فلم يتفق له غير هذا ، فالله أعلم .
أبو عبد الله الدامغاني
محمد بن علي بن الحسين بن عبد الملك [ ص: 99 ] بن عبد الوهاب بن حمويه الدامغاني الحنفي ، قاضي القضاة ببغداد ، مولده في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة وتفقه ببلده ثم قدم بغداد في سنة ثماني عشرة وأربعمائة فتفقه بها على أبي عبد الله الصيمري وسمع الحديث منهما ومن وأبي الحسين القدوري ابن النقور وغيرهم ، وبرع في الفقه وكان له عقل وافر وتواضع زائد ، وانتهت إليه رياسة الفقهاء ، وكان فصيح العبارة ، وكان فقيرا في ابتداء طلبه ، عليه أطمار رثة ثم صارت إليه الرياسة والقضاء بعد والخطيب في سنة تسع وأربعين ، وكان القائم بأمر الله يكرمه والسلطان ابن ماكولا طغرلبك يعظمه وباشر الحكم ثلاثين سنة في غاية السيرة الحسنة والأمانة والديانة والصيانة ، مرض أياما يسيرة ثم توفي في الرابع والعشرين من رجب من هذه السنة وقد ناهز الثمانين ودفن بداره بدرب القلائين ثم نقل إلى مشهد أبي حنيفة ، رحمهما الله تعالى .
محمد بن علي بن المطلب
أبو سعد الأديب كان قد قرأ النحو والأدب واللغة والسير وأخبار الناس ثم أقلع عن ذلك كله وأقبل على كثرة الصلاة والصدقة والصوم إلى أن توفي في هذه السنة عن ست وثمانين سنة رحمه الله .
[ ص: 100 ] محمد بن أبي طاهر العباسي
ويعرف بابن الرجحي تفقه على ابن الصباغ وناب في الحكم وكان محمود الطريقة وشهد عند ابن الدامغاني فقبله .
منصور بن دبيس بن علي بن مزيد أبو كامل الأمير بعد سيف الدولة صدقة ، توفي في رجب من هذه السنة . وقد كان له شعر وأدب ، وفيه فضل . فمن شعره قوله :
فإن أنا لم أحمل عظيما ولم أقد لهاما ولم أصبر على كل معظم
ولم أجر الجاني وأمنع حوزه غداة أنادى للفخار فأنتمي
فلا نهضت بي همة عربية إلى المجد تدلي لي ذرى كل محرم
قاضي الحريم بنهر معلى ، ومؤدب الخليفة المقتدي بأمر الله ، سمع الحديث وتوفي في محرم هذه السنة وقد جاوز الثمانين وله شعر جيد . فمنه قوله :
رجوت الثمانين من خالقي لما جاء فيها عن المصطفى
فبلغنيها فشكرا له وزاد ثلاثا بها أردفا
وإني لمنتظر وعده لينجزه فهو أهل الوفا