فصل
قال ابن إسحاق : ثم وهو مصدق بما جاءه منه ، قد قبله بقبوله ، وتحمل منه ما حمله ، على رضا العباد وسخطهم ، وللنبوة أثقال ومؤنة ، لا يحملها ولا يستضلع بها إلا أهل القوة والعزم من الرسل بعون الله وتوفيقه لما يلقون من الناس ، وما يرد عليهم مما جاءوا به عن الله عز وجل ، فمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما أمر الله ، على ما يلقى من قومه من الخلاف والأذى تتابع الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال ابن إسحاق : وآمنت وصدقت بما جاءه من الله ، ووازرته على أمره ، وكانت أول من آمن بالله ورسوله وصدقت بما جاء [ ص: 59 ] منه ، فخفف الله بذلك عن رسوله ; لا يسمع شيئا يكرهه ; من رد عليه ، وتكذيب له ، فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها ، إذا رجع إليها تثبته ، وتخفف عنه ، وتصدقه ، وتهون عليه أمر الناس رضي الله عنها وأرضاها خديجة بنت خويلد ،
قال ابن إسحاق : وحدثني عن أبيه ، عن هشام بن عروة عبد الله بن جعفر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قصب ، لا صخب فيه ، ولا نصب . وهذا الحديث مخرج في " الصحيحين " من حديث هشام : قال : ابن هشام القصب : هاهنا اللؤلؤ المجوف
قال ابن إسحاق : وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر جميع ما أنعم الله به عليه ، وعلى العباد من النبوة سرا إلى من يطمئن إليه من أهله .
وقال عن موسى بن عقبة الزهري : خديجة أول من آمن بالله وصدق رسوله قبل أن تفرض الصلاة . كانت
قلت : يعني الصلوات الخمس ليلة الإسراء ، فأما أصل الصلاة فقد وجب [ ص: 60 ] في حياة خديجة رضي الله عنها ، كما سنبينه
وقال ابن إسحاق : وكانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله ، وصدق بما جاء به ، ثم إن جبريل أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين افترضت عليه الصلاة ، فهمز له بعقبه في ناحية الوادي ، فانفجرت له عين من ماء زمزم ، فتوضأ جبريل ومحمد عليهما السلام ، ثم صلى ركعتين وسجد أربع سجدات ، ثم رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أقر الله عينه ، وطابت نفسه ، وجاءه ما يحب من الله ، فأخذ بيد خديجة حتى أتى بها إلى العين ، فتوضأ كما توضأ جبريل ، ثم ركع ركعتين وأربع سجدات ، ثم كان هو يصليان سرا وخديجة
قلت : صلاة جبريل هذه غير الصلاة التي صلاها به عند البيت مرتين ، فبين له أوقات الصلوات الخمس ; أولها وآخرها ; فإن ذلك كان بعد فرضيتها ليلة الإسراء ، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله ، وبه الثقة وعليه التكلان .