[ ص: 648 ] ثم دخلت سنة خمس وعشرين وأربعمائة
فيها غزا السلطان مسعود بن محمود بن سبكتكين بلاد الهند ، وفتح حصونا كثيرة ، فكان من جملتها أنه حاصر قلعة حصينة ، فخرجت من السور عجوز كبيرة ساحرة ، وأخذت مكنسة فبلتها ورشتها على ناحية جيش المسلمين ، فمرض السلطان مسعود تلك الليلة مرضا شديدا ، فارتحل عن تلك القلعة ، فلما استقل ذاهبا عنها عوفي عافية كاملة ، ورجع إلى غزنة سالما .
وفيها تولى البساسيري حماية الجانب الغربي من بغداد لما تفاقم أمر العيارين ، وكثر سرهم وفسادهم .
وفيها ولي سنان بن سيف الدولة غريب بن محمد بن مقن بعد وفاة أبيه ، فقصد عمه قرواشا ، فأقره وساعده على استقامة أموره .
وفيها هلك ملك الروم أرمانوس ، فملكهم من بعده رجل ليس من بيت ملكهم ، قد كان صيرفيا في بعض الأحيان ، إلا أنه من سلالة الملك قسطنطين [ ص: 649 ] باني المدينة التي لهم .
وفيها كثرت الزلازل بمصر والشام ، فهدمت شيئا كثيرا ، ومات تحت الردم خلق كثير ، وانهدم من الرملة ثلثها ، وتقطع جامعها تقطيعا ، وخرج أهلها منها ، فأقاموا ظاهرها ثمانية أيام ، ثم سكن الحال فعادوا إليها ، وسقط بعض حائط بيت المقدس ووقع من محراب داود قطعة كبيرة ، ومن مسجد إبراهيم قطعة ، وسلمت الحجرة ، وسقطت منارة عسقلان ورأس منارة غزة وسقط نصف بنيان نابلس وخسف بقرية بإزائها وبأهلها وبقرها وغنمها ، وساخت في الأرض ، وكذلك قرى كثيرة هنالك . ذكره . ابن الجوزي
وكان غلاء شديد ببلاد إفريقية ، وعصفت ريح سوداء بنصيبين ، فألقت شيئا كثيرا من الأشجار كالتوت والجوز والعناب ، واقتلعت قصرا مشيدا بحجارة وآجر وكلس ، ثم سقط مطر معه برد أمثال الأكف والزنود والأصابع ، وجزر البحر من تلك الناحية ثلاثة فراسخ ، فذهب الناس خلف السمك ، فرجع الماء عليهم ، فهلك خلق كثير .
وفيها كثر الموت بالخوانيق ، حتى كان يغلق الباب على من في الدار ، كلهم قد مات ، وكان أكثر ذلك ببغداد ، فمات من أهلها في شهر ذي الحجة [ ص: 650 ] سبعون ألفا .
وفيها وقعت الفتنة بين السنة والروافض ، حتى بين العيارين من الفريقين ، ومنع ابنا الأصبهاني - وهما مقدما عياري أهل السنة - أهل الكرخ من ورود ماء دجلة ، فضاق عليهم النطاق . وقتل ابن البرجمي وأخوه في هذه السنة . ولم يحج أحد من أهل العراق .