أبو علي بن ماكولا الحسن بن علي بن جعفر ،
الوزير لجلال الدولة ، وقد تقدم أنه بعث إلى البطيحة ففتحها ، ورام أخذ البصرة فلم يمكنه ذلك ، وقاتلوه دونها فأسروه ، فسأل أن يذهب به إلى الملك أبي كاليجار ، فعفا عنه وأطلقه ، فلما صار إلى الأهواز تعامل عليه غلام له وجارية ، فقتلاه في ذي الحجة من هذه السنة عن ست وخمسين سنة .
[ ص: 639 ] عبد الوهاب بن علي بن نصر بن أحمد بن الحسين بن هارون بن مالك بن طوق
صاحب الرحبة ، التغلبي البغدادي ، أحد أئمة المالكية ومصنفيهم ، له كتاب " التلقين " يحفظه الطلبة ، وله غيره في الفروع والأصول ، وقد أقام ببغداد دهرا ، وولي قضاء بادرايا وباكسايا ، ثم خرج من بغداد لضيق حاله ، فدخل مصر ، فأكرمه المغاربة ، وأعطوه ذهبا كثيرا ، فتمول جدا ، فأنشأ يقول متشوقا إلى بغداد :
سلام على بغداد في كل موقف وحق لها مني السلام مضاعف فوالله ما فارقتها عن قلى لها
وإني بشطي جانبيها لعارف ولكنها ضاقت علي بأسرها
ولم تكن الأرزاق فيها تساعف فكانت كخل كنت أهوى دنوه
وأخلاقه تنأى به وتخالف
قال القاضي ابن خلكان في " الوفيات " عنه : وعندما وصل إلى الديار [ ص: 640 ] المصرية ، وحصل له شيء من المال ، وحسن حاله ، مرض من أكلة اشتهاها ، فذكر عنه أنه كان يتقلب ويقول : لا إله إلا الله ، عندما عشنا متنا . قال : وله أشعار رائقة طريفة ، فمن ذلك قوله :
ونائمة قبلتها . فتنبهت فقالت تعالوا واطلبوا اللص بالحد
فقلت لها إني فديتك غاصب وما حكموا في غاصب بسوى الرد
خذيها وكفي عن أثيم ظلامة وإن أنت لم ترضي فألفا على العد
فقالت قصاص يشهد العقل أنه على كبد الجاني ألذ من الشهد
فباتت يميني وهي هميان خصرها وباتت يساري وهي واسطة العقد
فقالت ألم أخبر بأنك زاهد فقلت بلى ما زلت أزهد في الزهد
بغداد دار لأهل المال طيبة وللمفاليس دار الضنك والضيق
ظللت حيران أمشي في أزقتها كأنني مصحف في بيت زنديق