: وممن توفي فيها من الأعيان
عبد الصمد بن عمر بن محمد بن إسحاق ، أبو القاسم الدينوري
الواعظ الزاهد ، قرأ القرآن ، ودرس مذهب على الشافعي ، وسمع الحديث من أبي سعيد الإصطخري أبي بكر أحمد بن سلمان النجاد ، وروى عنه الأزجي والصيمري ، وكان ثقة صالحا ، يضرب به المثل في مجاهدة النفس ، واستعمال الصدق المحض ، والتعفف والتقشف ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وحسن وعظه ونفعه في القلوب .
جاءه يوما رجل بمائة دينار ، فقال : أنا غني عنها . قال : خذها ففرقها على أصحابك هؤلاء ، فقال : ضعها على الأرض ، فوضعها ، ثم قال للجماعة : ليأخذ كل واحد منكم حاجته منها ، فجعلوا يأخذون بقدر حاجاتهم حتى أنفذوها ، وجاء ولده بعد ذلك ، فشكى إليه حاجتهم ، فقال : اذهب إلى البقال ، فخذ علي ربع رطل تمر .
ورآه رجل ، وقد اشترى دجاجة وحلواء ، فتعجب من ذلك ، فاتبعه فانتهى [ ص: 517 ] إلى دار فيها أرامل وأيتام ، فدفعها إليهم .
وقد كان يدق السعد للعطارين بالأجرة ويقتات منه . ولما حضرته الوفاة جعل يقول : سيدي ، لهذه الساعة خبأتك . وكانت وفاته يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي الحجة من هذه السنة ، وصلي عليه بجامع المنصور ، ودفن بمقبرة . الإمام أحمد
أبو العباس بن واصل
صاحب سيراف والبصرة وغيرهما من البلاد ، كان أولا يخدم بالكرخ ، وكان متصورا له أنه سيملك ، فكان أصحابه يهزءون به ويمجنون عليه ، فيقول أحدهم : إذا ملكت فاستخدمني ، ويقول الآخر : اخلع علي ، ويقول الآخر : عاقبني . فقدر له أن تتقلب به الأحوال إلى أن ملك سيراف ثم البصرة وأخذ بلاد البطيحة من مهذب الدولة وأخرجه منها طريدا ، بحيث إنه احتاج في أثناء الطريق إلى أن ركب بقرة ، واستحوذ ابن واصل على ما هناك من الأموال والحواصل ، وقصد الأهواز ، وهزم بهاء الدولة ، ثم ظفر به بهاء الدولة ، فقتله في شعبان من هذه السنة ، وطيف برأسه في البلاد .