وممن توفي فيها من الأعيان :
إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف بن سالم ، أبو عمرو السلمي
صحب الجنيد وغيره ، وروى الحديث ، وكان ثقة .
ومن جيد كلامه : من لم تهذبك رؤيته ، فليس بمهذب .
وقد احتاج شيخه أبو عثمان مرة إلى شيء ، فسأل أصحابه فيه ، فجاءه ابن نجيد بكيس فيه ألفا درهم ، فقبضه منه ، وجعل يشكره إلى أصحابه ، فقال له ابن نجيد : يا سيدي إن المال الذي دفعته إليك كان من مال أمي ، وهي كارهة ، فأحب أن ترده إليها ، فأعطاه تلك الدراهم ، فلما كان الليل جاءه بها ، وقال : أحب أن تصرفها في أمرك ، من غير أن يعلم بذلك أحد ، فكان أبو عثمان يقول : أنا أخشى من همة أبي عمرو بن نجيد ، رحمهم الله تعالى .
[ ص: 378 ] الحسن بن بويه ، أبو علي ركن الدولة بن بويه
عرض له قولنج ، فمات ليلة السبت الثامن والعشرين من المحرم منها ، وكانت مدة إمارته أربعا وأربعين سنة وشهرا وتسعة أيام ، ومدة عمره ثمان وسبعون سنة ، وكان حليما كريما .
محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أفلح بن رافع بن إبراهيم بن أفلح بن عبد الرحمن بن عبيد بن رفاعة بن رافع ، أبو الحسن الأنصاري الزرقي
كان نقيب الأنصار ببغداد ، وقد سمع الحديث من وغيره ، وكان ثقة ، يعرف أيام أبي القاسم البغوي الأنصار ومناقبهم وأمورهم ، وكانت وفاته في جمادى الآخرة من هذه السنة .
محمد بن الحسن بن أحمد بن إسماعيل ، أبو الحسن السراج
سمع يوسف بن يعقوب القاضي وغيره ، وكان شديد الاجتهاد في العبادة ، صلى حتى أقعد ، وبكى حتى عمي ، وكانت وفاته يوم عاشوراء من هذه السنة .
[ ص: 379 ] القاضي منذر بن سعيد ، أبو الحكم البلوطي
الظاهري مذهبا ، قاضي قضاة الأندلس ، وكان إماما فقيها عالما فصيحا خطيبا شاعرا دينا كثير الفضل ، وله مصنفات واختيارات ، منها أن آدم وأخرج منها كانت في الأرض ، وله في ذلك مصنف مفرد ، له وقع في النفوس ، وله تفسير القرآن وغير ذلك . الجنة التي أدخلها
دخل يوما على الناصر لدين الله عبد الرحمن الأموي ، وقد فرغ من بناء المدينة الزهراء وقصورها ، وقد بني له فيها قصر عظيم منيف وزخرف بأنواع الدهانات والستور ، وجلس عنده رءوس دولته وأمراؤه ، وجاء القاضي فجلس إلى جانبه ، وجعل الحاضرون يثنون على هذا البناء ، والقاضي ساكت لا يتكلم ، فالتفت إليه الملك ، وقال : ما تقول يا أبا الحكم ؟ فبكى القاضي ، وانحدرت دموعه على لحيته ، وقال : ما كنت أظن أن الشيطان - أخزاه الله تعالى - يبلغ منك هذا المبلغ ، ولا أنك تمكنه من قيادك هذا التمكين ، مع ما آتاك الله ، وفضلك به ، حتى أنزلك منازل الكافرين ، قال الله تعالى : [ ص: 380 ] ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين [ الزخرف : 33 - 35 ] قال : فوجم الملك عند ذلك وبكى ، وقال : جزاك الله خيرا ، وأكثر في المسلمين مثلك .
وقد قحط في بعض السنين ، فأمر الملك القاضي منذر بن سعيد البلوطي أن يستسقي بالناس ، فلما جاءته الرسالة بذلك ليخرج من الغد ، قال للرسول : كيف تركت الملك وما حاله ؟ فقال : رأيته أخشع ما يكون وأكثره دعاء ، فقال القاضي : رحمتم وسقيتم والله ، إذا خشع جبار الأرض ، رحم جبار السماء ، ثم قال لغلامه : اخرج بالممطر معك ، فلما خرج الناس ، وجاء القاضي صعد المنبر ، والناس ينظرون إليه ويستمعون لما يقول ، فلما أقبل عليهم كان أول ما خاطبهم به أن قال : سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم [ الأنعام : 54 ] ثم أعادها ، فأخذ الناس في البكاء والنحيب والتوبة والإنابة ، فلم يزالوا كذلك حتى سقوا ، ورجعوا يخوضون الماء . وقد صنف الحافظ أبو عمر بن عبد البر مصنفا في مناقبه رحمه الله .
أبو الحسن علي بن أحمد بن المرزبان البغدادي
الفقيه الشافعي ، تفقه ، وأخذ عنه الشيخ بأبي الحسين بن القطان [ ص: 381 ] قال أبو حامد الإسفراييني ابن خلكان كان ورعا زاهدا ليس لأحد عنده مظلمة ، وله وجه في المذهب ، وكان له درس ببغداد . توفي في رجب من هذه السنة .