وممن توفي فيها من الأعيان :
أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم أبو بكر الختلي
له مسند كبير ، روى عن عبد الله بن أحمد بن حنبل وأبي محمد الكجي وخلق ، وروى عنه الدارقطني وغيره ، وكان ثقة ، قارب التسعين .
ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة الصابئ
المؤرخ ، فيما ذكره في " الكامل " . ابن الأثير
الحسين بن محمد بن أحمد ، أبو علي الماسرجسي
الحافظ ، رحل وسمع الكثير ، وصنف مسندا في ألف وثلاثمائة جزء بطرقه وعلله ، وله [ ص: 365 ] " المغازي " و " القبائل " ، وخرج على الصحيحين وغيرهما .
قال : وفي بيته وسلفه تسعة عشر محدثا . توفي في رجب من هذه السنة . ابن الجوزي
الحافظ أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن أبي أحمد الجرجاني
الكبير المفيد الإمام العالم الجوال النقال الرحال ، له كتاب " الكامل " في الجرح والتعديل ، لم يسبق إلى مثله ، ولا يلحق في شكله .
قال حمزة عن الدارقطني : فيه كفاية لا يزاد عليه . ولد في سنة سبع وسبعين ومائتين ، وهي السنة التي توفي فيها أبو حاتم الرازي ، ابن عدي في جمادى الآخرة من هذه السنة ابن عدي . وتوفي
باني المعز الفاطمي القاهرة المعزية ، معد بن إسماعيل بن سعيد بن عبيد الله أبو تميم [ ص: 365 ] المدعي أنه فاطمي ، صاحب الديار المصرية ، وهو أول من ملكها من الفاطميين ، وكان ملكهم ببلاد إفريقية وما والاها من بلاد المغرب ، فلما كان في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ، بعث بين يديه جوهرا القائد ، فأخذ له البلاد المصرية من بعد حروب تقدم ذكرها ، واستقرت يد جوهر القائد عليها ، فبنى بها كافور الإخشيدي القاهرة المعزية ، ونزل الملك المكان المسمى بالقصرين ، ثم أقيمت الخطبة للمعز في سنة ثنتين وستين وثلاثمائة ، وقدم المعز كما ذكرنا في جحافل عظيمة ، ومعه الأمراء من المغاربة والأكابر والقواد ، وحين نزل الإسكندرية تلقاه وجوه الناس إليها ، فخطبهم بها خطبة بليغة افتخر فيها بنسبه وملكه ، وادعى أنه يعدل وينصف المظلوم من ظالمه ، وأن الله قد رحم الأمة بهم ، واستنقذهم من أيدي الظلمة إلى عدلهم وإنصافهم ، وهو مع ذلك يدعي ظاهر الرفض ويبطن - كما قال القاضي الباقلاني - الكفر المحض ، وكذلك أهل طاعته ومن نصره ووالاه ، واتبعه في مذهبه ، قبحهم الله وإياه .
وقد أحضر إلى بين يديه أبو بكر النابلسي فأوقف بين يديه ، فقال له المعز : بلغني أنك قلت : لو أن معي عشرة أسهم لرميت الروم بسهم ، ورميت المعزيين بتسعة ، فقال : ما قلت هذا ، فظن أنه قد رجع ، [ ص: 367 ] وقال : كيف قلت ؟ قال : قلت : ينبغي أن يرميكم بتسعة ، ثم يرميكم بالعاشر ، قال : ولم ؟ قال : لأنكم غيرتم دين الأمة ، وقتلتم الصالحين ، وادعيتم نور الإلهية ، فأمر بإشهاره في أول يوم ، ثم ضرب بالسياط في اليوم الثاني ضربا شديدا مبرحا ، ثم أمر بسلخه في اليوم الثالث ، فجيء بيهودي فجعل يسلخه ، وهو يقرأ القرآن ، قال اليهودي : فأخذتني رقة عليه ، فلما بلغت تلقاء قلبه طعنته بالسكين ، فمات رحمه الله تعالى ، فقيل له : الشهيد ، وإليه ينسب بنو الشهيد من أهل الزاهد العابد التقي نابلس إلى اليوم .
وقد كان المعز ذا شهامة وقوة وشدة عزم ، وله سياسة ، ويظهر أنه يعدل وينصر الحق ، ولكنه مع ذلك منجما يعتمد ما يرصد من حركات النجوم ، قال له منجمه : إن عليك قطعا في هذه السنة ، فتوار عن وجه الأرض حتى تنقضي هذه المدة . فعمل له سردابا ، وأحضر الأمراء ، وأوصاهم بولده نزار ، ولقبه بالعزيز ، وفوض إليه الأمر حتى يعود إليهم ، فبايعوه على ذلك ، ودخل ذلك السرداب ، فتوارى فيه سنة ، فكانت المغاربة إذا رأى الفارس منهم سحابا ساريا ترجل عن فرسه ، وأومأ إليه بالسلام ظانين أن المعز في ذلك الغمام فاستخف قومه فأطاعوه [ الزخرف : 54 ] ثم برز إلى الناس بعد مضي سنة ، وجلس في مقام الملك ، وحكم على عادته ، ولكنه لم تطل مدته بعد ذلك ، بل عاجله القضاء المحتوم ، والحين المقسوم ، فكانت وفاته في هذه السنة ، وكانت مدة [ ص: 368 ] أيامه في الملك ثلاثا وعشرين سنة وخمسة أشهر وعشرة أيام ، منها بمصر سنتان وتسعة أشهر ، وجملة عمره كله خمس وأربعون سنة وستة أشهر ; لأنه ولد بإفريقية في حادي عشر رمضان سنة تسع عشرة وثلاثمائة ، وكانت وفاته بمصر في اليوم السابع عشر من ربيع الآخر سنة خمس وستين وثلاثمائة ، وهي هذه السنة .