[ ص: 344 ] ثم دخلت سنة ثلاث وستين وثلاثمائة
فيها عملت البدعة الشنعاء على عادة الروافض ، ووقعت فتنة عظيمة ببغداد بين أهل السنة والرافضة ، وكلا الفريقين قليل عقل ، بعيد عن السداد ، وذلك أن جماعة من أهل السنة أركبوا امرأة وسموها عائشة ، وتسمى بعضهم بطلحة ، وبعضهم بالزبير وقالوا : نقاتل أصحاب علي بن أبي طالب فقتل من الفريقين خلق كثير ، وعاثت العيارون في البلد بالفساد ونهب الأموال وقتل الرجال ، ثم أخذ جماعة منهم فقتلوا وصلبوا ، فسكنت النفوس .
وفيها أخذ عز الدولة بختيار بن معز الدولة الموصل وزوج ابنته من أبي تغلب بن حمدان .
وفيها وقعت الفتنة بالبصرة بين الديالم والأتراك ، فقويت الديلم على الترك بسبب أن الملك فيهم ، فقتلوا منهم خلقا كثيرا ، وحبسوا رءوسهم ، ونهبوا كثيرا من أموالهم ، وكتب عز الدولة إلى أهله : إني سأكتب إليكم أني قد مت ، فإذا وصل إليكم الكتاب فأظهروا النوح ، واجلسوا للعزاء ، فإذا جاء سبكتكين للتعزية فاقبضوا عليه ، فإنه ركن الأتراك ورأسهم . فلما جاء البريد إلى بغداد بذلك أظهروا النوح والصراخ ، ففهم سبكتكين أن هذه مكيدة فلم يقربهم ، [ ص: 345 ] وتحقق العداوة بينه وبين عز الدولة ، وركب من فوره في الأتراك ، فحاصروا دار عز الدولة ببغداد يومين ، ثم أنزل أهله منها ، ونهب ما فيها وأحدرهم من دجلة إلى واسط منفيين ، وكان قد عزم على بعث الخليفة إليه ، فعفا عنه وأقره بداره وقويت شوكة سبكتكين والأتراك ببغداد ، ونهبت الأتراك دور الديلم ، وخلع سبكتكين على رؤساء العامة ; لأنهم كانوا معه على الديلم ، وقويت السنة على الشيعة ، وأحرقوا الكرخ حريقا ثانيا ، وظهرت السنة على أيدي الأتراك ، وخلع المطيع ، وولي ولده الطائع لله على ما سنذكره ، إن شاء الله تعالى .