دخول جوهر القائد إلى الديار المصرية
ودخل أبو الحسن جوهر القائد الرومي في جيش كثيف ، من جهة المعز الفاطمي إلى ديار مصر يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان ، فلما كان يوم الجمعة خطب للمعز الفاطمي على منابر الديار المصرية وسائر أعمالها ، وأمر جوهر المؤذنين بالجامع العتيق وبجامع ابن طولون أن يؤذنوا بحي على خير العمل ، وأن يجهر الأئمة بالبسملة ، وذلك أنه لما توفي كافور [ ص: 318 ] الإخشيدي لم يبق بمصر من تجتمع القلوب عليه ، وأصابهم غلاء شديد أضعفهم ، فلما بلغ ذلك المعز وهو ببلاد إفريقية بعث مولى أبيه جوهرا القائد الرومي المنصور في جيش كثيف إلى الديار المصرية ، فلما بلغ ذلك أصحاب كافور هربوا منها قبل وصول جوهر إليها ، فدخلها فأخذها بلا ضربة ولا طعنة ولا ممانعة ، ففعل ما ذكرنا من الأمور ، واستقرت أيديهم على تلك البلاد بعد . كافور الإخشيدي
وفي هذه السنة شرع جوهر القائد في بناء القاهرة المعزية ، وبناء القصرين عندها ، على ما سنذكره . وهيأ الإقامات لمولاه المعز الفاطمي .
وأرسل جوهر جعفر بن فلاح في جيش كثيف إلى الشام فاقتتلوا قتالا شديدا ، وكان بدمشق الشريف أبو القاسم بن أبي يعلى الهاشمي ، وكان مطاعا فيهم ، فحاجف عن العباسيين مدة طويلة ، ثم آل الحال إلى أن خطب للمعز بدمشق ، وحمل الشريف أبو القاسم إلى الديار المصرية ، وأسر الحسن بن عبد الله بن طغج وجماعة من الأمراء فحملوا إلى الديار المصرية ، فحملهم جوهر إلى المعز بإفريقية ، واستقرت يد الفاطميين على دمشق في سنة ستين ، كما سيأتي ، وأذن فيها : حي على خير العمل ، أكثر من سبعين سنة ، وكتبت لعنة [ ص: 319 ] الشيخين - رضي الله عنهما ولعن من لعنهما - على أبواب الجوامع بها وأبواب المساجد ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ولم يزل ذلك كذلك حتى أزالت ذلك دولة الأتراك ، على ما سيأتي بيانه وتفصيله في موضعه ، إن شاء الله تعالى .
حمص فوجدوا أكثر أهلها قد جلوا عنها وانتقلوا منها ، فحرقوها وأسروا ممن بقي فيها ومن حولها نحوا من مائة ألف إنسان ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . وفيها دخلت الروم إلى
وفي ذي الحجة نقل عز الدولة والده من داره إلى تربته بمقابر معز الدولة بن بويه قريش .
وممن توفي فيها من الأعيان على ما ذكره في " منتظمه " ابن الجوزي ; قال كافور الإخشيدي : وقد رأيت مدح ابن الجوزي المتنبي لكافور تحمل الذم والمدح ، وكأنه تلعب به ، والله تعالى أعلم .