[ ص: 313 ] ثم دخلت سنة سبع وخمسين وثلاثمائة
فيها شاع الخبر ببغداد وغيرها من البلاد أن رجلا ظهر ، يقال له : ، وزعم أنه الموعود به في الحديث الوارد في محمد بن عبد الله . وتلقب بالمهدي المهدي ، وأنه يدعو إلى الخير وينهى عن الشر ، ودعا إليه ناس ببغداد ; فإن دعوا سنيا قالوا : هو من سلالة العباس . وإن كان المدعو شيعيا قالوا له : علوي . وكان هذا الرجل إذ ذاك مقيما بمصر عند قبل أن يموت ، وكان يكرمه ، وكان من جملة المستحسنين له كافور الإخشيدي سبكتكين الحاجب ، وكان شيعيا ، فظنه علويا ، وكتب إليه أن يقدم إلى بغداد ليأخذ له البلاد ، فترحل من مصر ، فلقيه سبكتكين إلى قريب الأنبار فلما رآه عرفه ، وإذا هو محمد بن المستكفي بالله العباسي ، فلما تحقق أنه عباسي وليس بعلوي ، انثنى رأيه عنه ، فتفرق شمله ، وتمزق أصحابه كل ممزق ، وحمل إلى عز الدولة بن معز الدولة فأمنه ، وتسلمه المطيع لله فجدع أنفه ، واختفى أمره ، فلم يظهر له خبر بالكلية بعد ذلك .
وفيها وردت طائفة من الروم - لعنهم الله - إلى بلاد أنطاكية فقتلوا خلقا من حواضرها ، وسبوا اثني عشر ألفا من أهلها ، ورجعوا إلى بلادهم ، ولم يعرض لهم أحد .
[ ص: 314 ] وعملت الروافض في عشوراء المأتم ، وفي يوم غدير خم الهناء والسرور .
وفيها عرض للناس في تشرين داء الماشرا ، فمات به خلق كثير فجأة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وفيها مات أكثر جمال الحجيج في الطريق من العطش ، ولم يصل منهم إلى مكة إلا القليل ، ومات أكثر من وصل منهم عامه ذلك ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وفيها اقتتل أبو المعالي شريف بن سيف الدولة هو وخاله وابن عم أبيه ، عند قرية يقال لها : صدر . فقتل أبو فراس بن سعيد بن حمدان الشاعر أبو فراس في المعركة .
قال : وقد صدق من قال : إن الملك عقيم . ابن الأثير
وفيها أظهرت الشيعة الحزن الشديد يوم عاشوراء من المحرم وعملوا عيد غدير خم في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة وأظهروا الفرح والسرور .
وممن توفي فيها أيضا :
إبراهيم المتقي لله بن جعفر المقتدر
وكان قد ولي الخلافة ، ثم ألجئ إلى أنه خلع عنها في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة ، كما ذكرنا ، ولزم بيته ، [ ص: 315 ] فمات في هذه السنة ، ودفن بداره عن ستين سنة .
عمر بن جعفر بن عبد الله بن أبي السري ، أبو جعفر البصري الحافظ ولد سنة ثمانين ومائتين ، وكان ينتخب على المشايخ ، حدث عن وغيره ، وقد انتقد عليه مائة موضع . قال أبي خليفة الفضل بن الحباب : فنظرت فيها ، فإذا الصواب مع الدارقطني عمر بن جعفر .
المحتسب ، ويعرف بابن المحرم محمد بن أحمد بن علي بن مخلد ، أبو عبد الله الجوهري ، كان أحد أصحاب ، وقد روى عن ابن جرير الطبري الكديمي وغيره ، وقد اتفق أنه تزوج امرأة ، فلما أدخلت عليه جلس يكتب الحديث ، فجاءت أمها ، فأخذت الدواة ، فرمت بها وقالت : هذه أضر على ابنتي من ثلاثمائة ضرة . وقد توفي في هذه السنة عن ثلاث وتسعين سنة ، وكان يضعف في الحديث .
[ ص: 316 ] كافور بن عبد الله الإخشيدي
كان مولى السلطان محمد بن طغج الإخشيدي ، اشتراه من بعض أهل مصر بثمانية عشر دينارا ، وقربه وأدناه ، واختصه من بين الموالي واصطفاه ، ثم جعله أتابكا حين ملك ولداه ، ثم استقل بالأمور بعد موتهما في سنة خمس وخمسين ، واستقرت المملكة باسمه ، يدعى له على المنابر بالديار المصرية والشامية وبلاد الحجاز جميعا ، وكان شهما ذكيا فاتكا جيد السيرة ، مدحه الشعراء ، ووفد إليه المتنبي ، حين ذهب مغاضبا على ، فآوى إلى سيف الدولة بن حمدان كافور وحصل له منه رفد ، ثم تغير عليه فأبعده كافور ، فهجاه ورحل عنه ، وصار إلى عضد الدولة بن بويه ، فكان هناك حتفه كما تقدم بيانه . وأما كافور فإنه لما توفي دفن بتربته المشهورة به ، وقام بالملك بعده أبو الحسن علي بن الإخشيد ومنه أخذ الفاطميون الأدعياء بلاد مصر كما سيأتي . وكانت مملكة كافور سنتين وثلاثة أشهر رحمه الله .