[ ص: 281 ] ثم دخلت سنة سبع وعشرين ومائتين
فيها بالشام ، يقال له : أبو حرب المبرقع اليماني . فخلع الطاعة ، ودعا إلى نفسه ، وكان سبب خروجه أن رجلا من الجند أراد أن ينزل في منزله وذلك في غيبة خرج رجل من أهل الغور أبي حرب ، فمانعته المرأة ، فضربها الجندي في يدها فأثرت الضربة في معصمها ، فلما جاء بعلها أبو حرب أخبرته ، فذهب إلى الجندي وهو غافل فضربه فقتله ، ثم تحصن في رءوس الجبال وهو مبرقع ، فإذا جاءه أحد دعاه إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويذم من السلطان ، فاتبعه خلق كثير من الحراثين وغيرهم ، وقالوا : هذا هو السفياني المذكور أنه يملك الشام . واستفحل أمره جدا ، واتبعه نحو من مائة ألف مقاتل ، فنفذ إليه الخليفة المعتصم وهو في مرض موته جيشا نحوا من ألف مقاتل ، فلما قدم الأمير وجد أمة كثيرة قد اجتمعوا حوله فخشي أن يناجزه ، [ ص: 282 ] والحالة هذه فانتظر حتى جاء وقت حرث الأراضي ، فتصرم عنه الناس إلى أراضيهم ، وبقي في شرذمة قليلة من أصحابه ، فناهضه ، فأسره جيش الخليفة وتفرق عنه أصحابه ، وحمله أمير السرية وهو رجاء بن أيوب حتى قدم به على المعتصم ، فلامه المعتصم في تأخره عن مناجزته أول ما قدم الشام فاعتذر بأنه كان معه مائة ألف أو يزيدون ، فلم يزل يطاوله حتى أمكن الله منه . فشكره على ذلك . وقد ذكر قصته مبسوطة في ترجمته من الكنى . الحافظ ابن عساكر