[ ص: 599 ] ذكر الساعات التي على بابه
قال القاضي عبد الله بن أحمد بن زبر : إنما سمي باب الجامع القبلي باب الساعات; لأنه عمل هناك بركار الساعات; يعلم بها كل ساعة تمضي من النهار ، عليها عصافير من نحاس ، وحية من نحاس ، وغراب ، فإذا تمت الساعة خرجت الحية فصفرت العصافير ، وصاح الغراب ، وسقطت حصاة في الطست فيعلم الناس أنه قد ذهب من النهار ساعة ، وكذلك في سائرها .
قلت : هذا يحتمل أحد شيئين; إما أن الساعات كانت في الباب القبلي من الجامع ، وهو الذي يسمى باب الزيادة ، ولكن قد قيل : إنه محدث بعد بناء الجامع ، ولا ينفي ذلك أن الساعات كانت عنده في زمن القاضي ابن زبر . وإما أنه قد كان في الجانب الشرقي من الجامع ، في حائطه القبلي باب آخر في محاذاة باب الزيادة ، وعنده الساعات ، ثم نقلت بعد هذا كله إلى باب الوراقين اليوم; وهو باب الجامع من الشرق . والله أعلم .
قلت : فأما القبة التي في وسط صحن الجامع التي فيها الماء الجاري ، وتقول [ ص: 600 ] العامة لها : قبة . فكان بناؤها في سنة تسع وستين وثلاثمائة ، أرخ ذلك أبي نواس عن خط بعض الدماشقة ، وأما القبة الغربية العالية التي في صحن الجامع ، التي يقال لها : قبة ابن عساكر عائشة . فسمعت شيخنا الذهبي يقول : إنها إنما بنيت في حدود سنة ستين ومائة ، في أيام وجعلوها لحواصل الجامع وكتب أوقافه . وأما القبة الشرقية التي على باب المهدي بن المنصور العباسي ، مشهد علي فيقال : إنها بنيت في زمن الحاكم العبيدي في حدود سنة أربعمائة .
وأما الفوارة التي تحت درج جيرون فعملها الشريف فخر الدولة أبو يعلى حمزة بن الحسن بن العباس الحسيني ، وكأنه كان ناظر الجامع ، وجر إليها قطعة من حجر كبير من قصر حجاج ، وأجرى فيها الماء ليلة الجمعة لسبع ليال خلون من ربيع الأول سنة سبع عشرة وأربعمائة ، وعملت حولها قناطر ، وعقد عليها قبة ، ثم سقطت القبة بسبب جمال تحاكت عندها وازدحمت ، وذلك في صفر سنة سبع وخمسين وأربعمائة ، فأعيدت ، ثم سقطت أعمدتها وما عليها من حريق اللبادين ودار الحجارة في شوال سنة اثنتين وستين وخمسمائة . ذكر ذلك كله الحافظ . ابن عساكر
قلت : وأما القصعة التي كانت في الفوارة ، فما زالت وسطها ، وقد أدركتها [ ص: 601 ] كذلك ، ثم رفعت بعد ذلك .
وكان بطهارة جيرون قصعة أخرى مثلها ، فلم تزل بها ، ثم لما انهدمت اللبادين بسبب حريق النصارى في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ، استؤنف بناء الطهارة على وجه آخر أحسن مما كانت ، وذهبت تلك القصعة فلم يبق لها أثر ، ثم عمل الشاذروان الذي هو شرقي فوارة جيرون بعد الخمسمائة ، أظنه سنة أربع عشرة وخمسمائة . والله أعلم .