( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة ( 13 ) وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ( 14 ) فيومئذ وقعت الواقعة ( 15 ) وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ( 16 ) والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ( 17 ) يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ( 18 ) )
يقول تعالى مخبرا عن ، ثم يعقبها نفخة الصعق حين يصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ، ثم بعدها نفخة القيام لرب العالمين ، والبعث والنشور ، وهي هذه النفخة . وقد أكدها هاهنا بأنها واحدة ، لأن أمر الله لا يخالف ولا يمانع ، ولا يحتاج إلى تكرار وتأكيد . أهوال يوم القيامة ، وأول ذلك نفخة الفزع
وقال الربيع : هي النفخة الأخيرة . والظاهر ما قلناه ; ولهذا قال هاهنا : ( وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ) أي : فمدت مد الأديم العكاظي ، وتبدلت الأرض غير الأرض ، ( فيومئذ وقعت الواقعة ) أي : قامت القيامة . ( وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ) قال سماك عن شيخ من بني أسد ، عن علي قال : تنشق السماء من المجرة . رواه ابن أبي حاتم .
وقال : هي كقوله : ( ابن جريج وفتحت السماء فكانت أبوابا ) [ النبأ : 19 ] .
[ ص: 212 ]
وقال ابن عباس : منخرقة ، والعرش بحذائها .
( والملك على أرجائها ) الملك : اسم جنس ، أي : الملائكة على أرجاء السماء .
قال ابن عباس : على ما لم يه منها ، أي : حافتها . وكذا قال سعيد بن جبير ، والأوزاعي . وقال الضحاك : أطرافها . وقال الحسن البصري : أبوابها . وقال الربيع بن أنس في قوله : ( والملك على أرجائها ) يقول : على ما استدق من السماء ، ينظرون إلى أهل الأرض .
وقوله : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) أي : . ويحتمل أن يكون المراد بهذا العرش العرش العظيم ، أو : العرش الذي يوضع في الأرض يوم القيامة لفصل القضاء ، والله أعلم بالصواب . وفي حديث يوم القيامة يحمل العرش ثمانية من الملائكة عبد الله بن عميرة ، عن ، عن الأحنف بن قيس في ذكر حملة العرش أنهم ثمانية أوعال . العباس بن عبد المطلب
وقال ابن أبى حاتم : حدثنا أبو سعيد يحيى بن سعيد ، حدثنا ، حدثني زيد بن الحباب أبو السمح البصري ، حدثنا : أنه سمع أبو قبيل حيي بن هانئ عبد الله بن عمرو يقول : حملة العرش ثمانية ، ما بين موق أحدهم إلى مؤخر عينه مسيرة مائة عام .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي قال : كتب إلي أحمد بن حفص بن عبد الله النيسابوري : حدثني أبي ، حدثنا ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن موسى بن عقبة محمد بن المنكدر ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " . أذن لي أن أحدثكم عن ملك من حملة العرش : بعد ما بين شحمة أذنه وعنقه بخفق الطير سبعمائة عام
وهذا إسناد جيد ، رجاله ثقات . وقد رواه أبو داود في كتاب " السنة " من سننه : حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله ، حدثنا أبي ، حدثنا ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن موسى بن عقبة محمد بن المنكدر ، عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " جابر بن عبد الله ; " . هذا لفظ أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش : أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسير سبعمائة عام أبي داود .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا يحيى بن المغيرة ، حدثنا جرير ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير في قوله : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) قال : ثمانية صفوف من الملائكة . قال : وروي عن الشعبي [ وعكرمة ] والضحاك . مثل ذلك . وكذا روى وابن جريج ، عن السدي أبي مالك ، عن ابن عباس : ثمانية صفوف . وكذا روى العوفي عنه .
وقال الضحاك ، عن ابن عباس : الكروبيون ثمانية أجزاء ، كل جنس منهم بقدر الإنس والجن والشياطين والملائكة .
وقوله : أي تعرضون على عالم السر والنجوى الذي [ ص: 213 ] لا يخفى عليه شيء من أموركم ، بل هو عالم بالظواهر والسرائر والضمائر ; ولهذا قال : ( لا تخفى منكم خافية )
وقد قال ابن أبي الدنيا : أخبرنا إسحاق بن إسماعيل ، أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن جعفر بن برقان ، عن ثابت بن الحجاج قال : قال رضي الله عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، فإنه أخف عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، وتزينوا للعرض الأكبر : ( عمر بن الخطاب يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) .
وقال : حدثنا الإمام أحمد ، حدثنا وكيع علي بن علي بن رفاعة ، عن الحسن ، عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " . يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال ومعاذير ، وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي ، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله
ورواه ابن ماجه ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن به ، وقد رواه وكيع الترمذي ، عن أبي كريب ، عن ، عن وكيع علي بن علي ، عن الحسن ، عن به . أبي هريرة
وقد روى ابن جرير ، عن مجاهد بن موسى ، عن يزيد ، عن ، عن سليمان بن حيان مروان الأصغر ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : : عرضتان ، معاذير وخصومات ، والعرضة الثالثة تطير الصحف في الأيدي يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات . ورواه ، عن سعيد بن أبي عروبة قتادة مرسلا مثله .