[ ص: 5 ] سورة الفاتحة فيها خمس آيات الآية الأولى [ قوله تعالى ] :
{ بسم الله الرحمن الرحيم } فيها مسألتان : المسألة الأولى : قوله تعالى : { بسم الله الرحمن الرحيم } .
اتفق الناس على أنها آية من كتاب الله تعالى في سورة النمل ، واختلفوا في ، فقال كونها في أول كل سورة مالك : ليست في أوائل السور بآية ، وإنما هي استفتاح ليعلم بها مبتدؤها . وأبو حنيفة
وقال : هي آية في أول الفاتحة ، قولا واحدا ; وهل تكون آية في أول كل سورة ؟ اختلف قوله في ذلك ; فأما القدر الذي يتعلق بالخلاف من قسم التوحيد والنظر في القرآن وطريق إثباته قرآنا ، ووجه اختلاف المسلمين في هذه الآية منه ، فقد استوفيناه في كتب الأصول ، وأشرنا إلى بيانه في مسائل الخلاف ، ووددنا أن الشافعي لم يتكلم في هذه المسألة ، فكل مسألة له ففيها إشكال عظيم . الشافعي
ونرجو أن الناظر في كلامنا فيها سيمحي عن قلبه ما عسى أن يكون قد سدل من إشكال به .
[ ص: 6 ] فائدة الخلاف : وفائدة الخلاف في ذلك الذي يتعلق بالأحكام أن شرط في صحة الصلاة عندنا ، وعند قراءة الفاتحة ، خلافا الشافعي حيث يقول : إنها مستحبة ، فتدخل { لأبي حنيفة بسم الله الرحمن الرحيم } في الوجوب عند من يراه ، أو في الاستحباب [ كذلك ] .
ويكفيك أنها ليست بقرآن للاختلاف فيها ، والقرآن لا يختلف فيه ، فإن إنكار القرآن كفر .
فإن قيل : ولو لم تكن قرآنا لكان مدخلها في القرآن كافرا ; قلنا : الاختلاف فيها يمنع من أن تكون آية ، ويمنع من تكفير من يعدها من القرآن ; فإن الكفر لا يكون إلا بمخالفة النص والإجماع في أبواب العقائد .
فإن قيل : فهل تجب ؟ قلنا : لا تجب ، فإن قراءتها في الصلاة رضي الله عنه روى { أنس بن مالك وأبي بكر ، فلم يكن أحد منهم يقرأ : { وعمر بسم الله الرحمن الرحيم } ونحوه عن عبد الله بن مغفل } . أنه صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم
فإن قيل : الصحيح من حديث : فكانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين ، وقد قال أنس : معناه أنهم كانوا لا يقرءون شيئا قبل الفاتحة . الشافعي
قلنا : وهذا يكون تأويلا لا يليق لعظيم فقهه ، بالشافعي وأنس وابن مغفل إنما قالا هذا ردا على من يرى قراءة : { بسم الله الرحمن الرحيم } فإن قيل : فقد روى جماعة قراءتها ، وقد تولى جميع ذلك في جزء صححه . الدارقطني
قلنا : لسنا ننكر الرواية ، لكن مذهبنا يترجح بأن أحاديثنا ; وإن كانت أقل فإنها أصح ، وبوجه عظيم وهو المعقول في مسائل كثيرة من الشريعة ، وذلك أن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 7 ] بالمدينة انقضت عليه العصور ، ومرت عليه الأزمنة من لدن زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زمان ، ولم يقرأ أحد [ قط ] مالك
فيه { بسم الله الرحمن الرحيم } اتباعا للسنة .
بيد أن أصحابنا استحبوا ، وعليه تحمل الآثار الواردة في قراءتها . قراءتها في النفل