الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ورود سنجر إلى الري وملكها]

وفي هذه السنة: ورد سنجر إلى الري فملكها ، وحاربه ابن أخيه محمود فانهزم ، وكان مع سنجر خمسة ملوك على خمسة أسرة منهم ملك غزنة ، وكان معه من الباطنية ألوف ، ومن كفار الترك ألوف ، وكان معه نحو أربعين فيلا ، ثم إن محمودا حضر عند سنجر فخدمه ، وعزل القاضي أبو علي الحسن بن إبراهيم الفارقي عن قضاء واسط ، وولي أبو المكارم علي بن أحمد البخاري .

وفي ربيع الأول: قبلت شهادة الأرموي ، وابن الرزاز ، والهيتي ، وأبي الفرج بن أبي خازم بن الفراء ، وانفرد الإمام المسترشد أياما لا يخرج من حجرته الخاصة هو ووالدته وجارية ، حتى أرجف عليه ، وكان السبب مرضا وقيل: بل شغل قلبه .

وفي جمادى الأولى خلع على أبي علي بن صدقة ، ولقب جلال الدين ، وظهر في هذا الشهر غيم عظيم ، وجاء مطر شديد ، وهبت ريح قوية أظلمت معها السماء ، وكثر الضجيج والاستغاثة حتى ارتج البلد .

وذكر أن دبيسا راسل المسترشد: أنه كان من شرطي في إعادة الأمير أبي الحسن [ ص: 173 ] أنى أراه أي وقت أردت ، وقد ذكر أنه على حالة صعبة ، فقيل له: إن أحببت أن تدخل إليه فافعل أو تنفذ من يختص بك فيراه ، أو يكتب إليك بخطه ، فأما أن يخرج هو فلا ، وكان قد ندم على تسليمه .

وورد كتب من سنجر فيها إقطاع للخليفة بخمسين ألف دينار ، وللوزير بعشرة آلاف ، ورد إلى الوزير العمارة والشحنكية ووزارة خاتون .

وفي شعبان وصل ابن الطبري بتوقيع من السلطان بتدريس النظامية .

وعلى استقبال شوال بدئ بالبناء في التاج ، وفي العشرين من شوال وصل القاضي الهروي وتلقاه الوزير بالمهد واللواء ومعه حاجب الباب والنقيبان وقاضي القضاة والجماعة ، وحمل على فرس من الخاص ، ونزل باب النوبي ، وقبل الأرض ، ثم حضر في اليوم الثالث والعشرين فوصل إلى المسترشد فأوصل له كتبا ، وحمل من سنجر ثلاثين تختا من الثياب ، وعشرة مماليك وهدايا كثيرة .

وفي العشر الأوسط من ذي الحجة: اعتمد أبو الحسين أحمد بن قاضي القضاة أبي الحسن الدامغاني إلى امرأة فأشهد عليها بجملة من المال دينا له عليها ، وقال: هذه أختي زوجة ابن يعيش ، وشهد عليهما شاهدان الأرموي والمنبجي ، فلما علمت أخته وزوجها أنكرا ذلك وشكيا إلى المسترشد [فكشفت الحال] فقال: إني أخطأت في اسمها ، وإنما هي أختي الصغرى فأبدل اسم باسم ، فوافقه على ذلك المنبجي ، وأما الأرموي فقال: ما شهدت إلا على الكبرى ، وكشط من الكتاب الكبرى ، وكتب اسم الصغرى ، فصعب هذا عند الخليفة ، وتقدم في حقه بالعظائم ، واختفى أبو الحسين فحضر أخوه تاج القضاة عند شيخ الشيوخ إسماعيل ، وأحضر كتابا فيه إقرار بنت الزينبي [زوجة] الوزير عميد الدولة [بن صدقة] لأخيها قاضي القضاة الأكمل بجملة كبيرة [ ص: 174 ] من المال إما ثلاثة آلاف أو نحوها وفيه خطوط اثني عشر شاهدا ، وأنه ثبت على قاضي القضاة أبي الحسن الدامغاني أنه زور على أخته . وظهر هذا للشهود حتى رجعوا عن الشهادة ، فإن كان أخي قد أخطأ ومعه شاهد واحد وخالفه شاهد واحد فهذا قاضي القضاة اليوم يكذبه اثنا عشر شاهدا ، فكتب شيخ الشيوخ إلى الخليفة بالحال ، فخرج التوقيع بالسكوت عن القصتين جميعا ، ذكر هذا شيخنا أبو الحسن ابن الزاغوني في تاريخه .

التالي السابق


الخدمات العلمية