ثم دخلت سنة خمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه [في سابع المحرم] دخل صبي إلى بيت أخته فوجد عندها رجلا ، فقتلها وهرب ، وكان ذلك بالنصرية ، فركب الشحنة ، وخرب المحلة .
[قتل فخر الملك أبي المظفر]
وفي يوم عاشوراء: قتل فخر الملك أبو المظفر بن نظام الملك ، وهو أكبر أولاده ، قتله باطني على وجه الاغتيال ، وكان فخر الملك قد رأى في ليلة عاشوراء التي قتل فيها الحسين عليه السلام ، وهو يقول له: عجل إلينا والليلة أفطر عندنا . فانتبه مشفقا من ذلك فشجعوه ، وأمروه أن لا يبرح يومه هذا من داره ، وكان صائما فلما صار وقت العصر ، خرج من حجرة كان فيها إلى بعض دور النساء ، فسمع صوت متظلم بحرقة ، وهو يقول: ذهب المسلمون ما بقي من يكشف ظلامة ولا من يأخذ لضعيف حقا ، ولا من يفرج عن ملهوف ، فقال: أدنوه مني فقد عمل كلامه في قلبي ، فلما أتوه به ، قال: ما حالك؟ فدفع إليه رقعة ، فبينما هو يتأملها ضربه بسكين في مقتله فقضى نحبه ، وكان ذلك بنيسابور وهو يومئذ وزير سنجر ، فقرر فأقر على جماعة من أصحاب فخر الملك أنهم ألفوه وكذب عليهم ، وإنما كان باطنيا يريد أن يقتل بيده وسعايته ، فقتل من عين عليه ، وكانوا برآء ، ثم قتل هو بعد ذلك . [ ص: 100 ]
وفي رابع عشر صفر: خرج الوزير أبو القاسم علي بن جهير من داره بباب العامة إلى الديوان على عادته ، فلما استقر في الديوان وصل إليه أبو الفرج بن رئيس الرؤساء وبهج ، وشافهاه بعزله ، فانصرف إلى داره ماشيا ، ومشيا معه ، وكان سيف الدولة صدقة قد قرر أمره لما رد إلى الوزارة أنه متى تغير الرأي فيه عزل مصونا ، فقصد دار سيف الدولة بعد عزله ، وهو يقول في الطريق: أمنك الله يا سيف الدولة يوم الفزع الأكبر كما أمنتني . فأقام بدار سيف الدولة إلى أن نفذ إليه قوما من الحلة ، فخرج معهم هو وولده وأصحابه .
وكانت مدة وزارته ثلاث سنين وخمسة أشهر وأياما ، وكان قد استفسد في وزارته هذه قلوب جماعة عليه ، منهم: قاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني ، وصاحب المخزن أبو القاسم ابن الفقيه . وأمر الخليفة بنقض داره التي بباب العامة ، وكان في ذلك عبرة من جهة أن أبا نصر بن جهير بناها بأنقاض دور الجانب الغربي وباب محول على يدي صاحب الشرطة أبي الغنائم بن إسماعيل ، وكان هذا الشرطي يأخذ أكثر ذلك لنفسه ويحتج بعمارة هذه الدار ، ولا يقدر الضعفاء على منعه ، فكانت عاقبة الظلم الخراب وذهاب الأموال ، فلما عزل استنيب قاضي القضاة أبو الحسن ، وجعل معه أبو الحسين بن رضوان مشاركا له وجالسا إلى جانبه ، ثم استدعي إلى حضرة الخلافة يوم الثلاثاء سابع عشر ربيع الأول أبو المعالي هبة الله بن محمد بن المطلب ، فكلمه بما شد أزره وشافهه بالتعويل عليه ، وتقدم بإفاضة الخلع عليه ، فخرج إلى الديوان ، وقرأ أبو الحسين بن رضوان عهده وهو من إنشاء ابن رضوان .
[استدعاء أبي القاسم بن الحصين صاحب المخزن]
وفي هذا اليوم استدعي أبو القاسم بن الحصين صاحب المخزن إلى باب الحجرة فخلع عليه هناك؛ إبانة لمحله ، ورفعا لمنزلته .
[قبض السلطان على وزيره أبي المحاسن]
وفي ثالث شعبان قبض السلطان على وزيره أبي المحاسن وصلبه بظاهر أصبهان مع جماعة من أعيان الكتاب ، واستوزر نظام الملك أبا نصر أحمد بن نظام الملك .
[ ص: 101 ]
[وفي ذي القعدة عول في ديوان الزمام على أبي الحسن علي بن صدقة ، وخلع عليه ، ولقب عميد الدولة] .