(الفصل السادس: في ذكر شيء من كراماته)
يحكى أن السلطان علي بن يوسف بن تاشفين صاحب المغرب الملقب بأمير المسلمين، وكان أميرا عادلا نزها فاضلا، عارفا بمذهب خيل إليه لما دخلت مصنفات مالك، إلى الغزالي المغرب أنها مشتملة على الفلسفة المحضة، وكان المذكور يكره هذه العلوم، فأمر بإحراق كتب وتوعد بالقتل من وجد عنده شيء منها، فاختلت حاله، وظهرت في بلاده مناكير كثيرة، وقويت عليه الجند، وعلم من نفسه العجز، بحيث كان يدعو الله بأن يقيض للمسلمين سلطانا يقوى على أمرهم، وقوي عليه الغزالي، عبد المؤمن بن علي، ولم يزل من حين فعل بكتب ما فعل في عكس ونكد، إلى أن توفي . الغزالي
وقال أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عبد المنعم العبدري المؤذن: رأيت بالإسكندرية سنة خمسمائة في إحدى عشرة من المحرم أو صفر فيما يرى النائم كأن الشمس طلعت من مغربها، فعبر ذلك بعض المعبرين ببدعة تحدث فيهم، فبعد أيام وصلت المراكب بإحراق كتب الإمام أبي حامد الغزالي بالمرية.
وذكر الإمام فخر الدين أبو بكر الشاشي أنه كان في زماننا رجل يكره يذمه ويستغيبه في الديار المصرية [ ص: 11 ] فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام، الغزالي، وأبا بكر -رضي الله عنهما- بجانبه، وعمر جالس بين يديه، وهو يقول: يا رسول الله، هذا يتكلم في، فإذا النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: هاتوا السياط، وأمر به فضرب لأجل والغزالي وقام هذا الرجل من النوم، وأثر السياط على ظهره لم يزل، وكان يبكي ويحكيه للناس، ولهذه القصة نظيرة وقعت الغزالي، لابن حرزهم المغربي، يأتي ذكرها عند ذكر كتاب الإحياء .
وقال ابن السبكي: وحكى لي بعض الفقهاء أهل الخير بالديار المصرية، أن شخصا تكلم في في درس الشافعية، وسبه فحمل هذا الحاكي من ذلك هما مفرطا، وبات تلك الليلة، فرأى الغزالي في النوم، فذكر له ما وجد من ذلك فقال: لا تحمل هما، غدا يموت، فلما أصبح توجه إلى درس الغزالي فوجد ذلك الفقيه قد حضر طيبا في عافية، ثم خرج من الدرس فلم يصل إلى بيته إلا وقد وقع من على الدابة، ودخل بيته في حال التلف، وتوفي آخر ذلك النهار . الشافعي،