فأقول : والتفجع عليه كمال في حق المبتدئ لأنه إذا نسيه لم يكثر احتراقه فلا تقوى إرادته وانبعاثه لسلوك الطريق لأن ، ذلك يستخرج منه الحزن والخوف الوازع عن الرجوع إلى مثله فهو بالإضافة إلى الغافل كمال ولكنه بالإضافة إلى سالك الطريق نقصان فإنه شغل مانع عن سلوك الطريق ، بل سالك الطريق ينبغي أن لا يعرج على غير السلوك فإن ظهر له مبادئ الوصول وانكشف له أنوار المعرفة ولوامع ، الغيب استغرقه ذلك ، ولم يبق متسع للالتفات إلى ما سبق من أحواله وهو الكمال ، بل لو عاق المسافر عن الطريق إلى بلد من البلاد نهر حاجز طال تعب المسافر في عبوره مدة من حيث إنه كان قد خرب جسره من قبل ولو ، جلس على شاطئ البحر بعد عبوره يبكي متأسفا على تخريبه الجسر كان هذا مانعا آخر ، اشتغل به بعد الفراغ من ذلك المانع ، نعم إن لم يكن الوقت وقت الرحيل بأن كان ليلا فتعذر السلوك ، أو كان على طريقه أنهار وهو يخاف على نفسه أن يمر بها فليطل بالليل بكاؤه وحزنه على تخريب الجسر ليتأكد بطول الحزن عزمه على أن لا يعود إلى مثله ، فإن حصل له من التنبيه ما وثق بنفسه أنه لا يعود إلى مثله ، فسلوك الطريق أولى به من الاشتغال بذكر تخريب الجسر والبكاء عليه ، وهذا لا يعرفه إلا من عرف الطريق والمقصد والعائق وطريق السلوك ، وقد أشرنا إلى تلويحات منه في كتاب العلم ، وفي ربع المهلكات . تصور الذنب وذكره