والثاني أنه قهر لعدو الله عز وجل فإن وسيلة الشيطان لعنه الله الشهوات وإنما تقوى الشهوات بالأكل والشرب ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع ولذلك قال صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها : داومي قرع باب الجنة . قالت : بماذا ؟ قال صلى الله عليه وسلم : بالجوع لعائشة وسيأتي فضل الجوع في كتاب شره الطعام وعلاجه من ربع المهلكات فلما كان الصوم على الخصوص قمعا للشيطان وسدا لمسالكه وتضييقا لمجاريه استحق التخصيص بالنسبة إلى الله عز وجل ففي قمع عدو الله نصرة لله سبحانه وناصر الله تعالى موقوف على النصرة له قال الله تعالى : إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم فالبداية بالجهد من العبد ، والجزاء بالهداية من الله عز وجل ، ولذلك قال تعالى : والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وقال تعالى : إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإنما التغيير تكثير الشهوات فهي مرتع الشياطين ومرعاهم ، فما دامت مخصبة لم ينقطع ترددهم وما داموا يترددون لم ينكشف للعبد جلال الله سبحانه وكان محجوبا عن لقائه .
وقال صلى الله عليه وسلم : فمن هذا الوجه صار الصوم باب العبادة وصار جنة وإذا عظمت فضيلته إلى هذا الحد فلا بد من بيان شروطه الظاهرة والباطنة بذكر أركانه وسننه وشروطه الباطنة
لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السموات