الرابع : أن الإظهار إقامة لسنة الشكر وقد قال تعالى : وأما بنعمة ربك فحدث والكتمان كفران النعمة ، وقد ذم الله عز وجل من كتم ما أتاه الله عز وجل وقرنه بالبخل فقال تعالى الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وقال صلى الله عليه وسلم : وأعطى رجل بعض الصالحين شيئا في السر فرفع به يده وقال : هذا من الدنيا والعلانية فيها أفضل ، والسر في أمور الآخرة أفضل ولذلك قال بعضهم : إذا أعطيت في الملأ فخذ ثم اردد في السر والشكر فيه محثوث عليه . إذا أنعم الله على عبد نعمة أحب أن ترى نعمته عليه
قال صلى الله عليه وسلم : والشكر قائم مقام المكافأة ، حتى قال صلى الله عليه وسلم : من لم يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل ولما قال المهاجرون في الشكر : يا رسول الله ، ما رأينا خيرا من قوم نزلنا عندهم قاسمونا الأموال حتى خفنا أن يذهبوا بالأجر كله ، فقال صلى الله عليه وسلم كل ما : شكرتم لهم وأثنيتم عليهم به فهو مكافأة . من أسدى إليكم معروفا فكافئوه ، فإن لم تستطيعوا فأثنوا عليه به خيرا ، وادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه
؛ : فالآن إذا عرفت هذه المعاني ، فاعلم أن ما نقل من اختلاف الناس فيه ليس اختلافا في المسألة بل هو اختلاف حال فكشف الغطاء في هذا أنا لا نحكم حكما بتا بأن الإخفاء أفضل في كل حال أو الإظهار أفضل بل يختلف ذلك باختلاف النيات ، وتختلف النيات باختلاف الأحوال والأشخاص فينبغي أن يكون المخلص مراقبا لنفسه حتى لا يتدلى بحبل الغرور ولا ينخدع بتلبيس الطبع ومكر الشيطان ، والمكر والخداع أغلب في معاني الإخفاء منه في الإظهار ، مع أن له دخلا في كل واحد منهما .