والحق الرجوع إلى أدلة الشرع والأخبار والآثار ظاهرة في هذا الشرط إلا أن مقام الفتوى في التكليف الظاهر يتقدر بقدر قصور الخلق .
فلا يمكن أن يشترط على الناس إحضار القلب في جميع الصلاة ، فإن ذلك يعجز عنه كل البشر إلا الأقلين وإذا لم يمكن اشتراط الاستيعاب للضرورة فلا مرد له إلا أن يشترط منه ما يطلق عليه الاسم ولو في اللحظة الواحدة وأولى اللحظات به لحظة التكبير فاقتصرنا على التكليف بذلك .
ونحن مع ذلك نرجو أن لا يكون حال الغافل في جميع صلاته مثل : حال التارك بالكلية .
فإنه على الجملة أقدم على العمل ظاهرا ، وأحضر القلب لحظة .
وكيف لا والذي صلى مع الحدث ناسيا صلاته باطلة عند الله تعالى ولكن له أجر ما بحسب فعله وعلى قدر قصوره وعذره ومع هذا الرجاء فيخشى أن يكون حاله أشد من حال التارك وكيف لا والذي يحضر الخدمة ويتهاون بالحضرة ويتكلم بكلام الغافل المستحقر أشد حالا من الذي يعرض عن الخدمة وإذا تعارض أسباب الخوف والرجاء وصار الأمر مخطرا في نفسه ، فإليك الخيرة بعده في الاحتياط والتساهل .
ومع هذا فلا مطمع في مخالفة الفقهاء فيما أفتوا به من الصحة مع الغفلة ، فإن ذلك من ضرورة الفتوى كما سبق التنبيه عليه ومن عرف سر الصلاة علم أن الغفلة تضادها .
ولكن قد ذكرنا في باب الفرق بين العلم الباطن والظاهر في كتاب قواعد العقائد أن قصور الخلق أحد الأسباب المانعة عن التصريح بكل ما ينكشف من أسرار الشرع .
فلنقتصر على هذا القدر من البحث ، فإن فيه مقنعا للمريد الطالب لطريق الآخرة وأما المجادل المشغب فلسنا نقصد مخاطبته الآن .
وحاصل الكلام أن وأن أقل ما يبقى به رمق الروح الحضور عند التكبير . حضور القلب هو روح الصلاة
فالنقصان منه هلاك وبقدر الزيادة عليه تنبسط الروح في أجزاء الصلاة .
وكم من حي لا حراك به قريب من ميت فصلاة الغافل في جميعها إلا عند التكبير كمثل حي لا حراك به نسأل الله حسن العون .