فصل [في صيد الطير المعلم]
بتسعة شروط: فعل الجوارح من الكلاب والبزاة بالصيد ذكاة
ثلاثة في الجارح: وهو أن يكون معلما، وخرج بإرسال ممن هو في يديه، ومضى قاصدا لما أرسل ولم يشتغل عنه.
وثلاثة في المرسل عليه: وهو أن يكون الصيد في موضع لا يقدر على أخذه إلا بذلك، ويراه البازي أو الكلب ليس في غيضة ولا أجمة ، ويكون موته من جراحته ليس من صدمه، ولا خوفا منه.
وثلاثة في المرسل: وهو أن يكون في طلبه لم يرجع عنه، وممن تصح ذكاته، وأن يكون مسلما.
فهذه جملة متفق عليها، فإن انخرم منها شيء لم يؤكل. وفي بعضها اختلاف، فإن كان غير معلم أو معلما وخرج من غير إرسال لم يؤكل; لأنه ذكاة بغير نية.
واختلف فقال في الكتاب : إذا كان معه ثم أغراه به أكل، ثم رجع، فقال: لا يؤكل، إلا أن [ ص: 1472 ] يكون في حال الإرسال بيده . إذا أرسله ولم يكن في يده ، أو خرج بنفسه ثم أغراه به،
وقال : إذا كان الكلب بعيدا منه، فصاح به وأشلاه لم يؤكل ما قتل، وإن كان قريبا منه، فأغراه به أكل. ابن حبيب
وقال مالك : إذا كان خروجه من قبل نفسه، ثم أغراه به لم يؤكل . وقال وابن القاسم : يؤكل . قال أصبغ عند ابن الماجشون : إذا زاده ذلك قوة وإشلاء أكل. ابن حبيب
وأرى أن يؤكل إذا كان خروجه بإرسال من صاحبه، ولا فرق بين كونه قريبا ولا بعيدا; لأنه لم يصد إلا بالإرسال، ولا فرق بين كونه في يده، أو معه وليس في يده، ولا يؤكل إذا كان خروجه من قبل نفسه ثم أغراه به; لأنه حينئذ على أحد وجهين: إما أن يكون لا يطيعه لو زجره عنه; فهو صائد بنفسه ، ولا تأثير لإغراء صاحبه به، ولا يصح أن ينسب إلى أن صاحبه الصائد به. أو يكون يعلم منه أنه ينتهي عنه لو زجره، وقد زاد حموة لإغرائه به، فإنه يصير بذلك الإشلاء مشتركا من نفسه ومن صاحبه; لأن خروجه الأول من نفسه لم يسقط، وإنما انضاف إليه شيء آخر; فأشبه ما لو تعاون اثنان : أحدهما [ ص: 1473 ] بإرسال، والآخر بغير إرسال، إلا أن يزجره عنه، فيقف عنه، ثم يغريه به، فيسقط حكم الأول.