فصل: يتضمن الاعتكاف: الصلاة وتلاوة القرآن والذكر
الصلاة، وتلاوة القرآن، والذكر لله تعالى; فعلى من دخل معتكفه أن يلتزم ذلك في ليله ونهاره بقدر طاقته، ولا يدع ذلك إلا لغلبته، قال متضمن الاعتكاف: ولم يبلغني أن أبا بكر ولا عمر ولا عثمان ولا أحد ممن سلف من سلف هذه الأمة ممن أدركت أقتدي بهم اعتكف، ولا أراهم تركوه إلا لشدة الاعتكاف; لأن ليله ونهاره سواء. ولا بأس أن يكون إماما، وأن يؤذن في صحن المسجد. مالك:
واختلف قول في صعوده المنار للأذان، فأجازه وكرهه، ولا بأس أن يقيم في مكانه. ويختلف في سعيه وتماديه بالإقامة إلى موضع الإمام، فكره [ ص: 841 ] ذلك في المدونة، ويجوز على قوله الآخر في إباحته صعود المنار; فأما إمامته فاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لم يستخلف في حين اعتكافه، وأما الأذان والإقامة فلأن مضمونهما الذكر والتهليل، وهو من جنس ما دخل له، وكره صعوده مرة; لأنه من غير جنس ما دخل له، وأجاز ذلك ليسارة ذلك القدر. مالك
وأما سعيه في الإقامة فواسع; لأن للمعتكف أن يطلب فضيلة الصف الأول، وإذا كان ذلك لم يضره أن يكون حينئذ في إقامة، وأجاز أن يتحدث مع من يأتيه ما لم يكثر، وأن يجلس للعلم، ويكتبه إذا لم يكثر أيضا، وترك ذلك أحب إليه. مالك
وأجاز له إذا كان حكما أن يحكم بالأمر الخفيف. وأجاز أن يشتري ويبيع فيما خف إن كان من عيشه. قال ابن القاسم ولا بأس أن ينكح وينكح ويتطيب. مالك:
واختلف في صلاته على الجنازة وهو في مكانه فكرهه في المدونة، وفي [ ص: 842 ] المعونة: إجازته. فأما حديثه واشتغاله عن الاعتكاف بمثل ذلك فالأصل في ذلك الحديث، قال: إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوره، فتحدثت عنده ساعة" صفية أخرجه "جاءت البخاري وهذا الحديث أصل يقضي على جميع ما تقدم من اشتغاله في استماع العلم، أو كتبه، أو عقد نكاح، ولأن في ذلك راحة وقوة على ما يريده بعد ذلك. ومسلم.
والأصل في عقد النكاح لنفسه ولغيره، وفي التطيب -بخلاف المحرم- حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: فلو كان كالمحرم لم يرجل رأسه. "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدني إلي رأسه وهو مجاور في المسجد، فأرجله وأنا حائض"