باب في جناية الصبي والمجنون
ومن المدونة قال في مالك . الصبي والمجنون ما جنيا من عمد أو خطأ: فإن ذلك كله خطأ تحمله العاقلة إذا كان الثلث فصاعدا، وإن كان أقل من الثلث ففي أموالهما
وقال : إذا كان صغيرا فجنى ، فلا شيء عليه من عقل ولا غيره، وكان كالبهيمة والحجر . محمد بن المواز
وقال إن أفسد شيئا أو كسره مثل قارورة البان أو اللؤلؤة، فإن كان ابن ستة أشهر ولا ينزجر، فلا شيء عليه، وإن كان مثل ابن سنة فصاعدا، فذلك عليه . ابن القاسم:
وقال في العتبية: ما أصاب المجنون والصبي الذي لا يعقل ابن سنة ونصف ونحوها من فساد أموال الناس- فهو هدر ، ولا شيء عليهم في أموالهم، إن كانت لهم أموال، ولا يتبعون بها في ذمتهم إن لم تكن لهم [ ص: 6426 ] أموال ، وما أصابوا من قتل أو جراح تبلغ الثلث فصاعدا فهو على عواقلهم، وما كان دون ذلك ففي أموالهم إن كانت لهم أموال، وإلا اتبعوا بها دينا، وقال أيضا في المجنون والمعتوه: إذا خرق ثوب إنسان أو كسر سنه فلا شيء عليه .
وقال في الصبي يسرق الشيء فيستهلكه قال: أشبه ذلك أن يتبع به، وما هو بالبين، ومن الأمور ما لا تتبين أبدا ، فرأى أن في إغرامه نظرا، وإن كان كثير المال لم يكن مخاطبا ولم يكتب عليه، وهل يكون حكمه فيما يتعلق به من حقوق الآدميين مثل ذلك؟ مالك
وإن كان المجنون ممن يفيق في خلال ذلك، فما أصاب في حال جنونه، كان الجواب فيه على ما تقدم إذا كان لا يفيق، وما أصاب في حال إفاقته فهو والصحيح الذي لا يعرض ذلك له سواء إن جرح عمدا أو قتل عمدا اقتص منه، فإن جن بعد ذلك فلم يفق انتظر حتى يفيق.
قال محمد: فإن تمادى به وأيس من إفاقته، وقد قتل فالدية. وقال المغيرة: يسلم إلى أولياء المقتول، قال: ولو ارتد ، ثم جن ، لم أقتله حتى يصح لأني [ ص: 6427 ] أدرأ الحد بالشبهة، ولا أقبل مثل ذلك في حقوق الناس.
قال الشيخ - رضي الله عنه -: الاختلاف في القصاص منه، وقول محمد: إنه يرجع إلى الدية، وقول المغيرة أن لهم أن يقتصوا ، راجع إلى الاختلاف في القصاص من اليد الشلاء; لأنه الآن في نزول حال وقريب من العدم، والشأن في القصاص من القاتل أن يستقاد منه، وينال المقتص منه الألم لذلك، وأن يرى بلوغ ذلك منه ، والمجنون خارج عن ذلك، وأرى أن يكون الأولياء بالخيار، فإن أحبوا اقتصوا، وإن أحبوا عفوا وأخذوا الدية من ماله، فإن لم يكن له مال، فلا شيء على عاقلته. [ ص: 6428 ]