واختلف في مدعي الإصابة، فقيل: يحد حد البكر. وقيل: حد الثيب، إلا أن يرجع عما كان أقر به، فإن كان الزوج هو المدعي للإصابة، ثم قال الآن: كنت قلت ذلك لأملك الرجعة، أو كانت الزوجة المدعية للإصابة وقالت: كنت قلت ذلك لأستكمل الصداق، أو غير ذلك من العذر، حلف وحد حد البكر.
وهذا أحسن، أنه يقام عليه حد الثيب حتى يرجع عن قوله، ولا يسقط عنه ذلك قبل رجوعه. [ ص: 6173 ]
واختلف أيضا على ثلاثة أقوال: فقال إذا أخذ أحدهما في زنى قبل أن يسمع منه إقرار أو إنكار في كتاب عبد الملك بن الماجشون محمد: لا يقبل قول من أنكر منهما، والرجم قائم، ولو لم يقم معها إلا ليلة واحدة ، وقال محمد: هو قول أصحابنا وهو قول ، وقد تقدم قول ابن القاسم إن ابن القاسم: إلا أن يعلم غير ذلك، لظهور حمل أو بإقرار أو بسماع. القول قول الزوج إن أخذ في زنى، وإن طال مكثه معها
وقال في كتاب النكاح الثالث: ، وهذا خلاف قوله الأول. وذهب بعض أهل العلم إلى التفرقة بين السؤالين، فقال: إنما صدق الزوج; لأنه يكتم ذلك من نفسه وهذا ضعيف لوجوه: إذا أخذت المرأة في زنى، وكانت أقامت عشرين سنة، لم يقبل قولها
أحدها: أنه قال: "حتى يعلم بولد يظهر" وهذا يتساويان فيه، فإذا لم يظهر منها قبل قولها كما قبل قوله .
والثاني: أنه إذا كتم ذلك لم تكتمه الزوجة، وإذا كان عنده عدم ذكرها دليلا على أنه كان يصيب فمثله إذا كان هو الزاني ولم يعلم منها إنكار; لأن سكوتها دليل عليها وعليه، وإنكارها شاهد لهما. [ ص: 6174 ]
والثالث قوله: "أو بأمر يسمع" والسماع عن ذلك يعلم من الرجال والنساء والجيران والأقارب، وهما في ذلك سواء، وأرى إذا طال مكثه أن يحمل على الإصابة، إلا أن يكون هناك سماع بعجز أو اعتراض ولا يحملان على ذلك في مبيت ليلة، لإمكان أن يكون كان أمر منع من الإصابة، وقد اتفقوا على أن من غصب امرأة فبات بها ليلة، ثم أصبح وقال: لم أصب- أنه لا يقام عليه حد الزنى، ولم يحمل على أنه أصاب، ويلزم على القول الأول أن يقام عليه الحد; لأن كل ذلك من باب القضاء بالدليل، بل هو في الغاصب أولى، ولأن من بلغ من فضيحة نفسه وفضيحة المرأة وغلبة الشهوة بمثل ذلك أقوى دليلا ممن أتى ذلك على الوجه الآخر.
وإذا غاب أحدهما أو مات قبل أن يسمع منه إقرار ولا إنكار، ثم أخذ الآخر يزني كان الجواب فيه على ما تقدم لو كان حاضرا، ولم يسمع منه شيء.
وأما وإن [ ص: 6175 ] كان أحدهما عبدا- كان إحصانا للحر منهما، الزوج كان أو الزوجة. حالة الزوجين، فإن كان الزوج وحده غير بالغ- لم يكن إحصانا لواحد منهما، فإن كانت هي غير بالغة وحدها كان إحصانا له دونها،
وإن كان أحدهما مجنونا- كان إحصانا للعاقل منهما خاصة، وهذا قول مالك . وذهب وابن القاسم إلى أن المراعى الزوج فإن كان عاقلا كان إحصانا له ولها إذا زنت هي في إفاقتها، وإن كان مجنونا لم يكن إحصانا له ولا لها . وقال أشهب إذا صح العقد منهما أو ممن يلي عليهما - كان إحصانا لهما ولو كانا مجنونين في حال البناء إذا كان الزنى في حال الصحة . عبد الملك:
والقول الأول أحسن أنه يراعى العاقل منهما في نفسه وألا يكون أحدهما محصنا بما يكون من الإصابة في حال الجنون; لأنه كالعدم.
وإن كان الزوج مسلما وهي نصرانية- كان إحصانا له دونها ، وإن كانت مسلمة وهو نصراني لم يكن إحصانا لها; لأنه إن كان نكاحه وهي مسلمة، كان فاسدا، وإن كان وهي نصرانية- لم تحتسب هي بذلك; لأنها حينئذ غير مخاطبة بفروع الإسلام . [ ص: 6176 ]