باب في عقوبة شاهد الزور، وهل تجوز شهادته إذا حسن حاله
وقال ويعاقب شاهد الزور إذا ظهر عليه، ويطاف به ولا يسود وجهه، محمد بن عبد الحكم: ويكتب القاضي بذلك كتابا، ويشهد فيه ويجعله نسخا يستودعها عند من يثق به . واختلف في عقوبته إذا أتى تائبا ولم يظهر عليه، فقال فيمن ابن القاسم لو أدب لكان لذلك أهلا. وقال رجع عن شهادته ولم يأت بعذر، في العتبية: لا يعاقب، ولو عوقب لم يرجع أحد عن شهادته خوف العقوبة، وقياسا على المرتد . يريد أنه لا يعاقب إذا رجع إلى الإسلام. وقال سحنون -في المبسوط فيمن مالك قال: ولو عوقب خشيت أن لا يأتي أحد يستفتي في ذلك . واحتج بالحديث الذي قال: أصاب أهله في رمضان، ثم أتى يسأل عن ذلك-: فلا عقوبة عليه. -" . فأما قبول شهادته في المستقبل، فإن أتى تائبا ثم انتقل حاله [ ص: 5539 ] إلى خير وصلاح قبلت إلا أن يكون قبل ذلك، عرف بالخير والصلاح فلا تقبل. وقد تقدم قول "احترقت احترقت فلم يعاقبه النبي - صلى الله عليه وسلم في كتاب الأقضية، أن لا تقبل شهادته أبدا إذا أقر بشهادة الزور . والأول أحسن. واختلف إذا ظهر عليه ثم تاب وانتقل إلى خير وصلاح، فقال أصبغ محمد: قول الآخر ألا تقبل شهادته إذا اطلع عليه، قال: وقد روي لنا فيه عن ابن القاسم قولان، والمنع ها هنا أحسن، ولم يختلف المذهب في الزنديق يظهر عليه ، أن توبته غير مقبولة، وهما يتفقان في أن لا تقبل توبتهما بالحضرة، فإذا لم تقبل سقطت شهادة هذا وقتل هذا. ابن القاسم
ويفترقان ويختلفان في أن شاهد الزور، له حياة بعد ذلك يظهر فيها صلاحه، وانتقال حاله فقبلت شهادته؛ لذلك ليس بمجرد قوله الأول إني تائب، ولو غفل عن رفع الشهادة عن الزنديق، حتى ظهر صلاحه ودينه وانتقال حاله لم يكن كذلك. قيل: لا شبه أن يقال تقبل توبته مثل الشاهد، [ ص: 5540 ] ولأنها شبهة يدرأ بها القتل، وأن يقال لا تقبل توبته أحسن ؛ لأنه يفعل ذلك ضرورة لما تقدم من الظهور عليه ليدفع عن دمه، ولا ضرورة بالشاهد.
وكمل كتاب الشهادة والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين
وآله وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين