باب في اللباس في الصلاة
قال الله -عز وجل-: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد [الأعراف: 31]. قال في العتبية: ذلك في الصلوات في المساجد، فيكره أن يصلي بغير رداء . وذهب على أن الهيئة التي يصلى عليها في المسجد أرفع من الهيئة التي تؤدى بها الصلاة في البيوت. مالك
وقال في المدونة: أكره للإمام أن إلا أن يكون أم قوما في سفر أو موضع اجتمعوا فيه أو في داره، فأحب إلي أن لو جعل العمامة على عاتقه إذا كان مسافرا أو صلى في داره . يصلي بغير رداء إذا أمهم في مسجد من مساجد الجماعة أو مسجد القبائل،
وقال -في شرح مالك ابن مزين في الآية- الزينة: الأردية، والمساجد: الصلوات. وإليه ذهب محمد بن عبد الحكم.
وأرى أن يؤمر المصلي أن يصلي في ثوب ساتر لجميع جسده مغطى الرأس.
واختلف في الواجب من ذلك، فقيل: يجب عليه ستر جميع الجسد.
وقيل: الواجب أن يصلي مؤتزرا بوسطه، ولا شيء عليه فيما سوى ذلك.
وقيل: يغطي السوأتين جميعا خاصة. [ ص: 366 ]
وقيل: لا يجب ستر سوأته ولا غيرها إذا صلى في بيته.
وقال أبو الفرج: يجيء على المذهب أن يكون فرضا. يريد: جميع الجسد، قال: لقول مالك في الكفارة: إن كسا فيها المساكين وكانوا نساء; فدرع وخمار، وإن كانوا رجالا; فثوب، وذلك أدنى ما تجزئ فيه الصلاة. لأن مالكا لا يرى أن يجزئ المكفر المئزر، وهذا رجوع منه إلى القول أن الآية في الفذ وغيره سواء.
ويؤيد ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: . ولأن الزينة لا تقع على من صلى بمئزر في وسطه لا غير ذلك. وذهب " لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء" إلى أن الفرض أن يصلي بمئزر لا غير ذلك، وإن صلى عريانا أعاد أبدا، وإن صلى بمئزر لم يعد في الوقت ولا بعده. ابن القاسم
وقال في كتاب أصبغ ابن حبيب: ولو صلى رجل وانكشف الفخذ لم يعد، وإن صلت امرأة مكشوفة الفخذ أعادت في الوقت .
فلم ير الفرض في الرجل إلا السوأتين.
وقال : من صلى عريانا أو في ثوب يصف أو في قميص لا يبلغ الركبتين أو يبلغهما، فإن سجد انكشفت عورته أعاد ما دام في الوقت . فرأى [ ص: 367 ] أن ستر السوأتين سنة وأن الفخذ عورة. أشهب
وقال أيضا فيمن أعاد ما دام في الوقت; فستر العورة عن أعين المخلوقين فرض . صلى في تبان أو سراويل
واختلف في سترها في الصلاة إذا صلى مخليا في بيته هل ذلك فرض أو سنة؟ وستر ذلك عن الملائكة مستحب، وهذا في السوأتين.
واختلف في الفخذ في جميع ذلك هل هو عورة أم لا؟ وفي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الترمذي . " إياكم والتعري، فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط، وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوهم وأكرموهم"
وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين السماء" نهى عن لبستين: عن اشتمال الصماء، وأن يحتبي الرجل بالثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء ، وهذا لفظ " أنه في كتاب اللباس . البخاري
قال في العتبية: اشتمال الصماء: أن يشتمل الرجل بالثوب على منكبيه ويخرج يده اليسرى من تحته وليس عليه مئزر، وأجازه إن كان عليه مئزر، ثم كرهه . [ ص: 368 ] مالك
قال: والاضطباع: أن يرتدي ويخرج ثوبه من تحت يده اليمنى .
قال وهو من ناحية الصماء . ابن القاسم:
وقال : اشتمال الصماء أن يلتحف بالثوب ويرفعه على أحد جانبيه فلا يكون ليده مخرج، ولذلك سميت الصماء . أبو محمد عبد الوهاب
والاحتباء: أن يجلس ويضم ركبتيه إلى نحو صدره ويدير ثوبه من وراء ظهره إلى أن يبلغ به ركبتيه ويشده حتى يكون كالمعتمد عليه، فهذا إذا كان عليه ثوب يستر العورة، فهو داخل في قسم المباح .
قال الشيخ -رحمه الله-: فإن لم يكن عليه ما يستر عورته; منع لحق الملائكة، ولإمكان أن يقف عليه أحد; فيطلع على ذلك منه.