وفي حديث مرفوعا: ابن مسعود رواه في «شرح السنة». «أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن، ولكل حد مطلع»
وهذا يرشد إلى أن علم القرآن واسع جدا، ومشكل جدا، وليس كل أحد أهلا له حتى يقول فيه ما شاء، ويؤوله على ما شاء، ويفسره على ما شاء.
وفي معنى هذا الحديث كلام للعلماء يطول جدا؛ حاصله: أن المراد بالأحرف السبعة لغة سبع قبائل، وهم: قريش، وطيئ، وهوازن، وأهل اليمن، وثقيف، وهذيل، وبنو تميم. وبه قال أكثر أهل العلم، والمراد بالظهر: ما يفهمه كل أحد من أهل اللسان، وبالبطن: ما يدركه خواص العلماء، من نكات المعاني والبيان.
وقيل: الظهر: القراءة والتلاوة، والبطن: التفهم والتدبر، أو المراد بالظهر: اللفظ، وبالبطن: المعنى، وقيل: قصص القرآن في الظاهر أخبار، وفي البطن اعتبار، وقيل: الظهر: الإيمان به باللسان مع تصديق الجنان، والبطن: العمل من الأركان.
ومعنى الحد: الطرف والنهاية؛ أي: لكل من الظهر والبطن حد ونهاية، ولكل نهاية وغاية له مطلع -بضم الميم وفتح الطاء المشددة- أي: موضع مرتفع يصعدون عليه، فيطلعون من هناك إلى ما هو في الحضيض منه.
[ ص: 239 ] قال في الترجمة: فمطلع الظهر: تعلم العربية والعلوم التي يتعلق بها ظاهر معنى القرآن الكريم؛ كمعرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، وأمثالها.
ومطلع البطن: الرياضة، واتباع الظاهر، والعمل بمقتضاه، وتزكية النفس، وتصفية القلب، وتجلية الروح، وتخلية السر، التي يحصل الاطلاع بعد حصولها على بطون القرآن كما قيل:
جمال شابد قرآن نقاب أنكاه بكشايد كه دار الملك ايمان رابيا بد خالي از غوغا
وقال بعضهم: المراد بالحد: أحكام الشرع التي عينها وحددها، ولكل حكم موضع يتأتى الاطلاع منه عليه.
وأما حصول الاطلاع على جميع الحدود والأحكام والمواضع، فليس ذلك إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما العلماء: فلهم في ذلك طبقات، ومنازل، ومقامات، بعضها فوق بعض. وقيل غير ذلك. وما ذكرناه أولى وأرجح. انتهى.