حكم أطفال الكفار
وفي ثلاثة أقوال : أطفال الكافرين
أحدها : دخولهم في النار .
والثاني : التوقف .
والثالث : كونهم في الجنة .
وهذا القول الأخير أصح; فإنه علم من الضرورة الدينية : أن الله لا يعذب بريا من الذنوب .
[ ص: 176 ] وقال بعضهم : إن عدم ارتضاء النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول من ، كان لكونه الحكم بالغيب والجزم بإيمان أبويه; لأن الصبي تابع لهما في الحكم بالإيمان . عائشة
والصواب : أن صدور هذا القول منه صلى الله عليه وسلم كان قبل الوحي بأن أطفال المسلمين في الجنة ، ثم أتى الوحي بكونهم فيها ، وأنهم يدخلون آباءهم وأمهاتهم المسلمين والمسلمات فيها كما في الحديث . انتهى .
وأقول : الأخبار والآثار الواردة في تصريح دخول أطفال أهل الشرك والكفر في الجنة ، وكونهم خدم أهلها ضعيفة جدا ، ولا يصلح شيء منها للاستدلال به ، وأحسنها حديث - رضي الله عنه - ، قال : أبي هريرة متفق عليه . سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذراري المشركين ، فقال : «الله أعلم بما كانوا عاملين»
وهذا يرشد إلى التوقف ، فيكون هو الأولى والأصوب ، دون الجزم بكونهم فيها ، كما قال صاحب الترجمة : والصواب أن يوقف في شأنهم ، ولا يجزم بجانب وبقول; لأن الجزم في هذا الباب من غير وصول الخبر من جانب الرسول بنقل صحيح قطعي ، لا يصح ، وهو غير موجود ، ولم يرد حديث قطعي في هذا الباب .
وكل شيء قالوه هو رأي وقياس ، أو من أخبار ضعيفة واهية ، فوجب الوقف . كذا قال التوربشتي . انتهى .
وفي حديث : عائشة رواه قلت : يا رسول الله! ذراري المؤمنين ؟ قال : «من آبائهم» ، فقلت : يا رسول الله! بلا عمل ؟ قال : «الله أعلم بما كانوا عاملين» ، قلت . فذراري المشركين ؟ قال : «من آبائهم» ، قلت : بلا عمل ؟ قال : «الله أعلم بما كانوا عاملين» . أبو داود
[ ص: 177 ] وهذا نص في توقف النبي صلى الله عليه وسلم في ذراري المسلمين والمشركين جميعهم ، والأمة أسوته في ذلك .
وفي الباب ثمانية مذاهب ذكرها السيوطي .
وهذا الذي أشرنا إليه أولاها وأصحها - إن شاء الله تعالى - . رواه في «صحيحه» . مسلم
وفي حديث في قصة سؤال علي - رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ولدين لها ماتا في الجاهلية ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خديجة والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم [الطور : 21]» رواه «إن المؤمنين وأولادهم في الجنة ، وإن المشركين وأولادهم في النار» ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : . وما في «الصحيحين» أصح ، وأقوى ، وأرجح ، وأولى . أحمد
وعن قال : ابن مسعود ; أي : مادة خلقه التي هي ماء المني حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الصادق في جميع ما قال وتكلم وتفوه ، المصدوق في ما أتى به من الوحي : «إن خلق أحدكم» ورحمها «يجمع في بطن أمه» مع تغيير يسري فيها من تأثير حرارة الرحم ، «أربعين يوما نطفة» ; أي : دما غليظا ، «ثم يكون علقة مثل ذلك» ; أي : قطعة لحم قدر ما يمضغ ، «ثم يكون مضغة مثل ذلك» . «ثم يبعث الله إليه ملكا»
قال في الترجمة : ظاهر الحديث : أن بعث الملك إلى المضغة . ولكن المراد : بعثه بعد خلق العظام والجلود والأيدي والأرجل ، وتشكيله بشكل الآدمي كما يعلم ذلك من آية القرآن ، والكلام في هذا المقام يطول جدا ، ذكرنا نبذة منه في الشرح.