فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون .
[230] فإن طلقها الطلقة الثالثة.
فلا تحل له من بعد أي: بعد الطلقة الثالثة.
حتى تنكح زوجا غيره غير مطلقها، فيجامعها. والنكاح شرعا: يتناول العقد والوطء جميعا، فهو حقيقة فيهما عند الإمام وعند أحمد، أبي حنيفة هو حقيقة في الوطء، مجاز في العقد، وعند ومالك بالعكس، وهو في اللغة الضم والجمع، فعلى القول بأنه حقيقة في العقد، فهو ضم وجمع بالنسبة إلى الإيجاب والقبول; فإن القبول يضم ويجمع إلى الإيجاب، وعلى القول بأنه حقيقة في الوطء، فهو ضم وجمع بالنسبة إلى جمع أحد الفرجين إلى الآخر وضمه إليه; لأن الزوجين حالة الوطء يجتمعان، وينضم كل واحد منهما إلى صاحبه حتى يصيرا كالشخص الواحد، والحقيقة: اللفظ المستعمل فيما وضع له، والمجاز: اللفظ [ ص: 327 ] المستعمل في غير ما وضع له على وجه يصح، والحقيقة لا تستلزم المجاز، والمجاز يستلزمها بالاتفاق. الشافعي
عن -رضى الله عنها- قالت: عائشة جاءت امرأة رفاعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: كنت عند رفاعة، فطلقني فبت طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنما معه مثل هدبة الثوب، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك".
فإن طلقها أي: الزوج الثاني.
فلا جناح عليهما أي: على الزوج الأول والزوجة بعد انقضاء العدة.
أن يتراجعا أي: يرجع كل واحد منهما إلى صاحبه بنكاح جديد.
إن ظنا أي: رجوا.
أن يقيما حدود الله الواجبة في حق الزوجية، وقال مجاهد: إن علما أن نكاحهما على غير دلسة، وهي التحليل.
واختلف الأئمة في فقال الرجل إذا تزوج امرأة طلقت ثلاثا ليحلها للزوج الأول، مالك : النكاح باطل، ولا تحل للأول، وقال وأحمد أبو حنيفة : النكاح صحيح، ويحصل به التحليل إذا لم يشترط في النكاح مع الثاني أن يفارقها، غير أنه يكره إذا كان في عزمهما ذلك. والشافعي
وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون ما أمرهم به. [ ص: 328 ]