الباب التمهيدي
ويشتمل على فصول:
الفصل الأول: تعريف الوقف، وبيان حكمه، ودليله، وحكمته، وما يصح وقفه.
الفصل الثاني: تاريخ الوقف عند المسلمين وغيرهم، وأنواعه، وأسبابه.
الفصل الثالث: الوقف على العلم، والمحافظة عليه من قبل العلماء.
الفصل الرابع: الوقف الذري.
الفصل الخامس: الفرق بين الوقف وما يشبهه. [ ص: 48 ] [ ص: 49 ]
الفصل الأول: تعريف الوقف، وبيان حكمه، ودليله، وحكمته، وما يصح وقفه
وفيه مباحث:
المبحث الأول: تعريف الوقف.
المبحث الثاني: بيان حكمه، ودليله.
المبحث الثالث: بيان تحقيق الوقف للمقاصد الشرعية، وحكمة مشروعيته، وأهميته، وخصائصه.
المبحث الرابع: الشخصية الاعتبارية للوقف.
المبحث الخامس: ما يصح وقفه. [ ص: 50 ] [ ص: 51 ]
المبحث الأول: تعريف الوقف
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف الوقف في اللغة
الوقف لغة هو: الحبس، والتسبيل، يقال: وقفت الدابة وقفا: حبستها في سبيل الله.
قال تعالى: وقفوهم إنهم مسئولون أي: احبسوهم.
وقال عنترة:
فوقفت فيها ناقتي وكأنها فدن لأقضي حاجة المتلوم
والحبس: المنع، وهو يدل على التأبيد، يقال: وقف فلان أرضه وقفا مؤبدا، إذا جعلها حبيسة لا تباع ولا تورث; لأن الواقف يمنع التصرف بالموقوف. [ ص: 52 ]وهو مصدر قولك: وقف يقف وقفا، والفعل وقف ثلاثي يأتي متعديا ولازما، فقولك: « وقفت الدابة وقفا » متعد، وقولك: « وقفت وقوفا » لازم.
قال ابن فارس: « الواو والقاف والفاء: أصل واحد يدل على تمكث في شيء ثم قاس عليه ».
وفي المصباح المنير: « وقفت الدابة تقف وقفا ووقوفا: سكنت، ووقفتها يتعدى، ولا يتعدى ».
« ولا يقال أوقفته إلا في لغة تميمية، وهي رديئة، وعليها العامة، وهو عكس حبس، فإن الفصيح أحبس، وأما حبس فلغة رديئة ».
وأوقف: أنكرها جماهير علماء اللغة، وهي لغة تميمية رديئة، ولا تستخدم في فصيح الكلام إلا بمعنى: سكت وأمسك وأقلع، أوقفت عن الأمر الذي كنت فيه، أي: أقلعت.
قال الطرماح:
جامحا في غوايتي ثم أوقفت رضا بالتقى وذو البر راضي
وبمعنى: المنع، مثل: وقفت الموظف عن عمله، أي: منعته منه.
وبمعنى: التعليق، مثل: وقف الأمر على حصول كذا، أي: علق عليه.
وبمعنى: التأخير والتأجيل، مثل: وقفت قسمة الميراث، أي: أجلته. [ ص: 53 ]
وبمعنى: التبين، ومنه: وقفت على ما عند فلان، أي: تبينته.
وبمعنى: الاطلاع، ومنه: وقفته على ذنبه، أي: أطلعته عليه.
وبمعنى: الوقوف، خلاف الجلوس.
وبمعنى: السوار من العاج.
وقيل: السوار ما كان.
وروى أبو عبيدة، الوقف: الخلخال ما كان من شيء من فضة، أو غيرها، وأكثر ما يكون من الذبل. والأصمعي:
والمسك إذا كان من عاج فهو وقف، وإذا كان من ذبل فهو مسك، وهو كهيئة السوار.
وقيل للموقوف « وقف » تسمية بالمصدر، ولذا جمع على « أوقاف » كوقت وأوقات.
وقد كثر إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول كقولك: هذا وقف، أي: موقوف، ورهن، أي: مرهون، وكتاب، أي: مكتوب، ويجمع على أوقاف ووقوف.
قال البعلي: « يقال: وقف الشيء وأوقفه، وحبسه وأحبسه، كله بمعنى واحد ».
والوقف لغة: قد يكون حسيا، مثل: وقفت الدار، وقد يكون معنويا، مثل: وقفت جهودي للعلم. [ ص: 54 ] وقيل يقال: « وقفه، فيما يحبس باليد، و « أوقفه » فيما لا يحبس بها.
وقول بعضهم: « وقف » بالتشديد فهي منكرة قليلة.
وأحبس أولى من حبس فيما وقف في سبيل الله من خيل وغيرها.