: حرم ، بلاد الإسلام تنقسم على ثلاثة أقسام وحجاز ، وما عداهما .
أما الحرم فمكة وما طاف بها من نصب حرمها ، وقد ذكرها الله تعالى باسمين في كتابه مكة وبكة ، فذكر مكة في قوله عز وجل : { وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم } .
ومكة مأخوذ من قولهم تمككت المخ من العظم تمككا : إذا استخرجته عنه لأنها عك الفاجر عنها وتخرجه منها على ما حكاه وأنشد قول الراجز في تلبيته : الأصمعي
يا مكة الفاجر مكي مكا ولا تمكي مذحجا وعكا
وذكر بكة في قوله عز وجل : { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا } . قال ، وسميت الأصمعي بكة لأن الناس يبك بعضهم بعضا فيها أي يدفع ، وأنشد ( من الرجز ) :إذا الشريب أخذته أكه فخله حتى يبك بكه
والثاني : أن مكة الحرم كله وبكة المسجد .
وهذا قول الزهري . وحكى وزيد بن أسلم قال : كانت مصعب بن عبد الله الزبيري مكة في الجاهلية تسمى صلاحا لأمنها ، وأنشد قول أبي سفيان بن حرب بن أمية لابن الحضرمي ( من الوافر ) :
أبا مطر هلم إلى صلاح فيكفيك الندامى من قريش
وتنزل بلدة عزت قديما وتأمن أن يزورك رب جيش
وحكى جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله عنهم أن سبب وضع محمد بن علي البيت والطواف به أن الله - تعالى - قال للملائكة : [ ص: 201 ] { إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون } . فغضب عليهم فعاذوا بالعرش فطافوا حوله سبعة أطواف يسترضون ربهم فرضي عنهم .
وقال لهم ابنوا لي في الأرض بيتا يعوذ به من سخطت عليه من بني آدم ويطوف حوله كما فعلتم بعرشي فأرضى عنهم فبنوا له هذا البيت ، فكان أول بيت وضع للناس قال الله تعالى { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين } فلم يختلف أهل العلم أنه ، وإنما اختلفوا هل كان أول بيت وضع لغيرها ، فقال أول بيت وضع للناس للعبادة الحسن وطائفة قد كان قبله بيوت كثيرة ، وقال مجاهد لم يكن قبله بيت . وقتادة
وفي قوله تبارك وتعالى { مباركا } تأويلان : أحدهما أن بركته بما يستحق من ثواب القصد إليه .
والثاني أنه أمن لمن دخله حتى الوحش فيجتمع فيه الظبي والذئب . { وهدى للعالمين } تحتمل تأويلين :
أحدهما : هدى لهم إلى توحيده .
والثاني إلى عبادته في الحج والصلاة . { فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا } . وكانت الآية في مقام إبراهيم تأثير قدميه فيه ، وهو حجر صلد ، والآية في غير المقام : أمن الخائف وهيبة البيت عند مشاهدته ، وامتناع الطير من العلو عليه ، وتعجيل العقوبة لمن عتا فيه ; وما كان في الجاهلية من أصحاب الفيل ، وما عطف عليه قلوب العرب في الجاهلية من تعظيمه ، وأن من دخله من الجاهلية وهم غير أهل كتاب ولا متبعي شرع يلتزمون أحكامه حتى إن الرجل منهم كان يرى فيه قاتل أخيه وأبيه فلا يطلبه بثأره فيه .
وكل ذلك آيات الله تعالى ألقاها على قلوب عباده . [ ص: 202 ] وأما أمنه في الإسلام ففي قوله سبحانه وتعالى { ومن دخله كان آمنا } تأويلان أحدهما آمنا من النار ، وهذا قول يحيى بن جعدة .
والثاني آمنا من القتل ، لأن الله تعالى أوجب الإحرام على داخله وحظر عليه أن يدخله محلا . وقال أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة عام الفتح حلالا : { } . ثم قال : { أحلت لي ساعة من نهار ولم تحل لأحد من قبلي ، ولا تحل لأحد من بعدي ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } . فجعل حجه فرضا بعد أن صار في الصلاة قبلة ، لأن استقبال الكعبة في الصلاة فرض في السنة الثانية من الهجرة ، والحج فرض في السنة السادسة . وإذ قد تعلق بمكة للكعبة من أركان الإسلام عبادتان وباينت بحرمتها سائر البلدان وجب أن نصفها ثم نذكر حكم حرمها . فأما بناؤها فأول من تولاه بعد الطوفان إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، فإنه سبحانه قال : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } .
فدل ما سألاه من القبول على أنهما كانا ببنائها مأمورين ، وسميت كعبة لعلوها مأخوذ من قولهم كعبت المرأة إذا علا ثديها ومنه سمي الكعب كعبا لعلوه وكانت الكعبة بعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم مع جرهم والعمالقة إلى أن انقرضوا حتى قال فيهم عامر بن الحارث ( من الطويل ) : [ ص: 203 ]
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر
بلى نحن كنا أهلها فأبادنا صروف الليالي والجدود العواثر
حلفت بثوبي راهب الشام والتي بناها قصي جده وابن جرهم
لئن شب نيران العداوة بيننا ليرتحلن مني على ظهر شيهم
وسبب بنائها أن الكعبة استهدمت وكانت فوق القامة فأرادوا تعليتها ، وكان البحر قد ألقى سفينة لرجل من تجار الروم إلى جدة فأخذوا خشبها ، وكان في الكعبة حية يخافها الناس فخرجت فوق جدار الكعبة فنزل طائر فاختطفها فقالت قريش إنا لنرجو أن يكون الله - سبحانه - قد رضي ما أردنا فهدموها وبنوها بخشب السفينة وكانت على بنائها إلى أن حوصر بالمسجد من ابن الزبير الحصين بن نمير وعسكر الشام حين حاربوه سنة أربع وستين في زمن فأخذ رجل من أصحابه نارا في ليفة على رأس رمح وكانت الريح عاصفة فطارت شرارة فتعلقت بأستار يزيد بن معاوية الكعبة فأحرقتها فتصدعت حيطانها واسودت وتناثرت أحجارها فلما مات يزيد وانصرف الحصين بن نمير شاور في هدمها وبنائها فأشار به عبد الله بن الزبير جابر بن عبد الله وأتاه وعبيد بن عمير وقال لا تهدم بيت الله تعالى فقال عبد الله بن عباس أما ترى الحمام يقع على حيطان البيت فتتناثر حجارته ويظل أحدكم يبني بيته ولا يبني بيت الله ، ألا إني هادمه بالغداة فقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ ص: 204 ] { ابن الزبير إبراهيم ، ولجعلت له بابين شرقيا وغربيا } . لو كانت لنا سعة لبنيته على أس
وسأل الأسود هل سمعت من رضي الله عنها في ذلك شيئا ؟ فقال نعم أخبرتني أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لها : { عائشة } . فاستقر رأي إن النفقة قصرت بقومك فاقتصروا ، ولولا حدثان عهدهم بالكفر لهدمته وأعدت فيه ما تركوا على هدمه فلما أصبح أرسل إلى ابن الزبير فقيل : هو نائم فأرسل إليه وأيقظه وقال له أما بلغك أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : { عبيد بن عمير } فهدمها فأرسل إليه إن الأرض لتضج إلى الله تعالى من نومة العلماء في الضحى إن كنت هادمها فلا تدع الناس بلا قبلة ، فلما هدمت قال الناس كيف نصلي بغير قبلة ؟ فقال ابن عباس جابر صلوا إلى موضعها فهو القبلة ، وأمر وزيد بموضعها فستر ووضع الحجر في تابوت في خرقة حرير ، قال ابن الزبير عكرمة رأيته فإذا هو ذراع أو يزيد وكان جوفه أبيض مثل الفضة ، وجعل حلي الكعبة عند الحجبة في خزانة الكعبة ، فلما أراد بناءها حفر من قبل الحطيم حتى استخرج أس إبراهيم عليه السلام فجمع الناس ثم قال : هل تعلمون أن هذا أس إبراهيم ؟ قالوا : نعم فبناها على أس إبراهيم صلى الله عليه وسلم وأدخل فيها الحجر ستة أذرع وترك منه أربعا .
وقيل : أدخل سبعة أذرع ، وترك ثلاثا وجعل لها بابين ملصوقين بالأرض شرقيا وغربيا يدخل من واحد ، ويخرج من الآخر ، وجعل على بابهما صفائح الذهب ، وجعل مفاتيحها من ذهب ، وكان ممن حضر بناءها من رجال قريش أبو الجهم بن حذيفة العدوي فقال : عملت في بناء الكعبة مرتين واحدة في الجاهلية بقوة غلام نفاع وأخرى في الإسلام بقوة كبير فان وذكر أن الزبير بن بكار وجد في الحجر صفائح حجارة خضر قد أطبق بها على قبر ، فقال له عبد الله بن الزبير عبد الله بن صفوان : هذا قبر نبي الله [ ص: 205 ] إسماعيل عليه السلام فكف عن تحريك تلك الحجارة ، ثم بقيت الكعبة في أيام على حالها إلى أن حاربه ابن الزبير وحصره في المسجد ونصب عليه المنجانيقات إلى أن ظفر به وقد تصدع بناء الحجاج الكعبة بأحجار المنجنيق فهدمها الحجاج ، وبناها بأمر وأخرج الحجر منها وأعادها إلى بناء عبد الملك بن مروان قريش على ما هي عليه اليوم فكان يقول وددت أني كنت حملت عبد الملك بن مروان من أمر ابن الزبير الكعبة وبنائها ما تحمله .
وأما الكعبة فقد روى كسوة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : { أبو هريرة أن أول من كسا البيت سعد اليماني } . ثم كساها رسول الله صلى الله عليه وسلم الثياب اليمانية ، ثم كساها عمر بن الخطاب رضي الله عنهما القباطي ثم كساها وعثمان الديباج الخسرواني . يزيد بن معاوية
وحكى أن أول من كسا محارب بن دثار الكعبة الديباج خالد بن جعفر بن كلاب أصاب لطيمة في الجاهلية وفيها نمط ديباج فناطه بالكعبة ، ثم كساها ابن الزبير الديباج ، ثم كساها والحجاج بنو أمية في بعض أيامهم الحلل التي كانت على أهل نجران في حربهم ، وفوقها الديباج ثم جدد رخام المتوكل الكعبة وأزرها بفضة ، وألبس سائر حيطانها وسقفها بذهب ثم كسا أساطينها الديباج ، ثم لم يزل كسوتها في الدولة العباسية بأسرها . وأما المسجد الحرام فقد كان فناء حول الكعبة للطائفين ولم يكن له على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه جدار يحيط به ، فلما استخلف وأبي بكر الصديق رضي الله عنه وكثر الناس وسع المسجد واشترى دورا هدمها وزادها فيه وهدم على قوم من جيران المسجد أبوا أن يبيعوا ووضع لهم الأثمان حتى أخذوها بعد ذلك واتخذ للمسجد جدارا قصيرا دون القامة وكانت المصابيح توضع عليه . عمر
وكان رضي الله عنه أول من اتخذ جدارا للمسجد ، فلما استخلف عمر رضي الله عنه ابتاع منازل فوسع بها المسجد وأخذ منازل أقوام ووضع لهم أثمانها فضجوا منه عند عثمان البيت فقال : إنما جرأكم علي حلمي عنكم فقد فعل بكم رضي الله عنه هذا فأقررتم ورضيتم ثم [ ص: 206 ] أمر بهم إلى الحبس حتى كلمه فيهم عمر عبد الله بن خالد بن أسد فخلى سبيلهم وبنى للمسجد الأروقة حين وسعه ; رضي الله عنه أول من اتخذ للمسجد الأروقة عثمان . ثم إن فكان وسع المسجد وحمل إليه أعمدة الحجارة والرخام ، ثم إن الوليد بن عبد الملك المنصور رحمه الله زاد في المسجد وبناه وزاد فيه المهدي رحمه الله بعده وعليه استقر بناؤه إلى وقتنا هذا .
وأما مكة فلم تكن ذات منازل وكانت قريش بعد جرهم والعمالقة ينتجعون جبالها وأوديتها ولا يخرجون من حرمها انتسابا إلى الكعبة لاستيلائهم عليها ، وتخصصا بالحرم لحلولهم فيه ويرون أنه سيكون لهم بذلك شأن ، وكلما كثر فيهم العدد ونشأت فيهم الرياسة قوي أملهم وعلموا أنهم سيتقدمون على العرب وكان فضلاؤهم وذوو الرأي والتجربة منهم يتخيلون أن ذلك لرياسة في الدين وتأسيس لنبوة ستكون ; لأنهم تمسكوا من أمور الكعبة بما هو بالدين أخص ، فأول من شعر بذلك منهم وألهمه كعب بن لؤي بن غالب وكانت قريش تجتمع إليه في كل جمعة .
كعب يوم الجمعة ، وكان يخطب فيه على وكان يوم الجمعة يسمى في الجاهلية عروبة فسماه قريش فيقول على ما حكاه : وأما بعد فاسمعوا وتعلموا وافهموا ، واعلموا أن الليل ساج والنهار صاح ، والأرض مهاد والجبال أوتاد ، والسماء بناء والنجوم أعلام ، والأولين كالآخرين والذكر والأنثى زوج إلى أن يأتي ما يهيج ، فصلوا أرحامكم واحفظوا أصهاركم وثمروا أموالكم ، فهل رأيتم من هالك رجع أو ميت انتشر ، والدار أمامكم والظن غير ما تقولون ، حرمكم زينوه وعظموه وتمسكوا به فسيأتي له نبأ عظيم وسيخرج منه نبي كريم . الزبير بن بكار
ثم يقول ( من الطويل ) :
نهار وليل كل يوم بحادث سواء علينا ليلها ونهارها
يئوبان بالأحداث فينا تأوبا وبالنعم الضافي علينا ستورها
صروف وأنباء تقلب أهلها لها عقد ما يستحيل مريرها
على غفلة يأتي النبي محمد فيخبر أخبارا صدوقا خبيرها
يا ليتني شاهد فحواء دعوته حين العشيرة تبغي الحق خذلانا
قال : فكانت أول دار بنيت الكلبي بمكة ، ثم تتابع الناس فبنوا من الدور ما استوطنوه ; وكلما قربوا من عصر الإسلام ازدادوا قوة وكثرة عدد حتى دانت لهم العرب فصدقت المخيلة الأولى في الرياسة عليهم ، ثم بعث الله سبحانه نبيه رسولا فصدقت المخيلة الثانية في حدوث النبوة فيهم فآمن به من هدي وجحد من عاند ، وهاجر عنهم صلى الله عليه وسلم حين اشتد به الأذى حتى عاد ظافرا بعد ثمان سنين من هجرته عنهم .
مكة عام الفتح هل دخلها عنوة أو صلحا مع إجماعهم على أنه لم يغنم منها مالا ولم يسب فيها ذرية ، فذهب واختلف الناس في دخوله صلى الله عليه وسلم أبو حنيفة إلى أنه دخلها عنوة فعفا عن الغنائم ، ومن على السبي ، وإن للإمام إذا فتح بلدا عنوة أن يعفو عن غنائمه ويمن على سبيه . وذهب ومالك إلى أنه دخلها صلحا عقده مع الشافعي كان الشرط فيه أن : { أبي سفيان الكعبة فهو آمن ، ومن دخل دار فهو آمن أبي سفيان } . من أغلق بابه كان آمنا ، ومن تعلق بأستار
إلا ستة أنفس استثنى قتلهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة وقد مضى ذكرهم ، ولأجل عقد الصلح لم يغنم ولم يسب ، لما فيهما من حقوق الله - تعالى - وحقوق الغانمين فصارت وليس للإمام إذا فتح بلدا عنوة أن يعفو عن غنائمه ، ولا يمن على سبيه مكة وحرمها حين لم تغنم أرض عشر إن زرعت لا يجوز أن يوضع عليها خراج .
واختلف الفقهاء في مكة وإجارتها ، فمنع بيع دور من بيعها وأجاز [ ص: 208 ] إجارتها في غير أيام الحج ، ومنع منهما في أيام الحج لرواية أبو حنيفة عن الأعمش أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { مجاهد مكة حرام لا يحل بيع رباعها ولا أجور بيوتها } .
وذهب رحمه الله إلى جواز بيعها وإجارتها ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرهم عليها بعد الإسلام بعدما كانت عليه قبله ، ولم يغنمها ولم يعارضهم فيها ، وقد كانوا يتبايعونها قبل الإسلام وكذلك بعده . هذه دار الندوة ، وهي أول دار بنيت الشافعي بمكة صارت بعد قصي لعبد الدار بن قصي وابتاعها في الإسلام من معاوية عكرمة بن عامر بن هشام بن عبد الدار بن قصي وجعلها دار الإمارة وكانت من أشهر دار ابتيعت ذكرا وأنشرها في الناس خبرا ، فما أنكر بيعها أحد من الصحابة وابتاع عمر رضي الله عنهما ما زاداه في المسجد من دور وعثمان مكة وتملك أهلها أثمانها ، ولا حرم ذلك لما بذلاه من أموال المسلمين ثم جرى به العمل إلى وقتنا هذا فكان إجماعا متبوعا .
وتحمل رواية مع إرسالها على أنه لا يحل بيع رباعها على أهلها تنبيها على أنها لم تغنم فتملك عليهم فلذلك لم تبع ، وكذلك حكم الإجارة . مجاهد