( القاعدة التاسعة والثمانون ) : أسباب الضمان ثلاثة : عقد ، ويد ، وإتلاف . أما عقود الضمان فقد سبق ذكرها وكذلك سبق ذكر الأيدي الضامنة ، وأما الإتلاف فالمراد به أن يباشر الإتلاف بسبب يقتضيه كالقتل والإحراق أو ينصب سببا عدوانا فيحصل به الإتلاف بأن يحفر بئرا في غير ملكه عدوانا أو يؤجج نارا في يوم ريح عاصف فيتعدى إلى إتلاف مال الغير أو كان الماء محتبسا بشيء وعادته الانطلاق فيزيل احتباسه وسواء كان له اختيار في انطلاقه أو لم يكن فدخل تحت ذلك ما إذا حل وكاء زق مائع فاندفق [ ص: 205 ] أو أو فتح قفصا عن طائر فطار هذا هو الذي ذكره حل عبدا آبقا فهرب ابن حامد والأكثرون ; لأنه تسبب إلى الإتلاف بما يقتضيه عادة واستثنى والقاضي في فنونه ما كان من الطيور يألف البروج ويعتاد العود فقال لا ضمان في إطلاقه وإن لم يعد ; لأن العادة جارية بعوده فليس إطلاقه إتلافا وقال : أيضا في الفنون الصحيح التفرقة بين ما يحال الضمان على فعله كالآدمي وما لا يحال عليه الضمان كالحيوانات والجمادات فإذا حل قيد العبد لم يضمن ; لأن العبد له اختيار ويصح إحالة الضمان عليه فيقطع مباشرته للتلف بسبب مطلقه ، وهذا الذي قاله إنما يصح لو كان العبد من أهل الضمان لسيده فأما إذا لم يكن من أهل الضمان للسيد تعين إحالة الضمان على المتسبب ولهذا قال الأصحاب إن جناية العبد المغصوب على سيده مضمونة على الغاصب حيث لم يكن العبد من أهل الضمان للسيد فأحيل على الغاصب لتعديه بوضع يده عليه مع أنه ليس سببا للجناية ولكن خرج ابن عقيل في الإقناع وجها آخر أنه لا ضمان على الغاصب ; لأن الجناية من أصلها غير قابلة للتضمين لتعلقها بالرقبة المملوكة للمجني عليه فلا يلزم الغاصب شيء منها ولا يلزم مثله في مطلق العبد ; لأنه متسبب إلى الإتلاف فإذا لم يمكن إحالة الضمان على المباشر أحيل على المتسبب صيانة للجناية على مال المعصوم عن الإهدار مهما أمكن ، وخرج ابن الزاغوني الآمدي وجها آخر أن جناية العبد على سيده مضمونة عليه في ذمته يتبع بها بعد عتقه .