( الفرق التاسع والتسعون والمائة بين قاعدة وقاعدة ما لا يتبعه ) ما يتبع العقد عرفا
قال صاحب الجواهر وغيره إذا قال أشركتك معي في السلعة يحمل على النصف وبيع الأرض يندرج تحته الأشجار والبناء دون الزرع الظاهر كما بور الثمار فإن كان كامنا في الأرض [ ص: 284 ] اندرج على إحدى الروايتين كما تندرج الحجارة المخلوقة فيها دون المدفونة إلا على القول بأن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها ، وقال رضي الله عنه لا يندرج في الأرض البناء الكثير ولا الغرس ، وعندنا يندرج في لفظ الدار الخشب المسمر والسلم المستقل ، ويندرج المعدن في لفظ الأرض دون الكنز ؛ لأن المعدن من الأجزاء ، فليس من هذا الباب . الشافعي
وقال يندرج في الأرض البناء والغرس وفي لفظ الدار الأبواب والخوابي المدفونة والرفوف المسمرة وما هو من مصالحها دون الحجر المدفون ؛ لأنه كالوديعة وتندرج الحجارة المخلوقة فيها والمعدن دون الكنز ، وعندنا إذا باع البناء يندرج فيه الأرض كما اندرج في لفظ الدار التوابيت ومرافق البناء كالأبواب والرفوف والسلم المثبت دون المنقولات ولفظ العبد يتبعه ثيابه التي [ ص: 285 ] عليه إذا أشبهت مهنته دون ماله ولفظ الشجر تتبعه الأرض واستحقاق البناء مغروسا والثمرة غير الموبرة دون الموبرة ، وقال ابن حنبل لا تندرج الأرض في لفظ الشجر ووافقنا ابن حنبل الشافعي في الثمار . وابن حنبل
وقال هي للبائع مطلقا وفي الموطإ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبو حنيفة } ، ومفهومه يقتضي أنها إذا لم توبر للمبتاع ؛ لأنه عليه السلام إنما جعلها للبائع بشرط الإبار فإذا انتفى الشرط انتفى المشروط فالأول مفهوم الصفة والثاني مفهوم الشرط ، وهذا ضعيف من جهة أن الحنفية لا يرون المفهوم حجة فلا يحتج عليهم به ، بل نقيس الثمرة على الجنين إذا خرج لم يتبع وإلا اتبع أو نقيسها على اللبن قبل الحلاب ، واستتار الثمار في الأكمام كاستتار الأجنة في الأرحام واللبن في الضروع [ ص: 286 ] أو نقيسها على الأغصان والورق ونوى التمر . من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع
وهذه الأقيسة أقوى من قياسهم بكثير لقوة جامعها ، وأما قياسهم غير المؤبر على المؤبر ففارقه ظاهر وجامعه ضعيف ولفظ إطلاق الثمار في رءوس النخل يقتضي عندنا التبقية بعد الزهو .
وقاله ، وقال الشافعي يقتضي القطع كسائر المبيعات ولما فيه من الجهالة والجواب أن العقد معارض بالعادة ومثل هذه الجهالة لا تقدح في العقود كما لو اشترى طعاما كثيرا فإنه يؤخره زمانا طويلا لقبضه وتحويله ويبيع الدار فيها الأمتعة الكثيرة لا يمكن خلوها إلا في زمان طويل ولفظ المرابحة عندنا يقتضي أن كل صنعة قائمة كالصبغ والخياطة والكماد والطرز والفتل والغسل يحسب ويحسب له ربح وما ليس له عين قائمة ولا يسمى السلعة ذاتا ولا سوقا لا يحسب ولا يحسب له ربح ؛ لأنه لم ينتقل للمشتري ولا يقابل [ ص: 287 ] بشيء وإن كان متولي هذا الطرز والصبغ بنفسه لم يحسب ولا يحسب له ربح ؛ لأنه كمن وصف ثمنا على سلعة باجتهاده وهذه الأحكام عندنا تتبع قوله بعتك هذه السلعة مرابحة للعشرة أحد عشر أو بوضيعة للعشرة أحد عشر أو يقول للعشرة عشرة وصيغة أو مرابحة ومعنى هذا الكلام إذا قال للعشرة اثنا عشر أي ينقص السدس في الوضيعة أو يزيد السدس في الزيادة ؛ لأن اثنين سدس اثني عشر وللعشرة عشرة معناه يضاف للعشرة عشرة ، فيكون الزيادة أو النقصان النصف ؛ لأن إخراج عشرة من عشرة محال ، وهذا الكلام مع بقية تفاريع هذا الباب كلها مبنية على العوائد وإلا فمن أين لنا ما يحسب ويحسب ربحه وعكسه . أبو حنيفة
ولولا العوائد لكان هذا تحكما صرفا جائز إجماعا ، ولو أطلق هذا اللفظ في زماننا لم يصح به بيع لعدم فهم المقصود [ ص: 288 ] منه لغة ولا عرفا فجميع هذه المسائل وهذه الأبواب التي سردتها مبنية على العوائد غير مسألة الثمار المؤبرة بسبب أن مدركها النص والقياس وما عداها مدركة العرف والعادة ، فإذا تغيرت العادة أو بطلت بطلت هذه الفتاوى وحرمت الفتوى بها لعدم مدركها فتأمل ذلك ، بل تتبع الفتاوى هذه العوائد كيفما تقلبت كما تتبع النقود في كل عصر وحين وتعيين المنفعة من الأعيان المستأجرة إذا سكت عنها فتنصرف بالعادة للمنفعة المقصودة منها عادة لعدم اللغة في البابين وكل ما صرح به في العقد واقتضته اللغة فهذا هو الذي لا يختلف باختلاف العوائد ولا يقال إن العرف اقتضاه فهذا تلخيص هذا الفرق ، وقد اشتمل على ستة ألفاظ لفظ الشركة ولفظ الأرض ولفظ البناء ولفظ الدار ولفظ المرابحة ولفظ الثمار هذه الألفاظ كلها حكمت فيها العوائد [ ص: 289 ] وبيع المجهول والغرر في الثمن