[ ص: 267 ] خاتمة [ ] قيل : الأحكام لا تؤخذ من الأحاديث التي تأتي لضرب الأمثال . فإنه موضع تجوز ، حكاه أخذ الأحكام من الأحاديث التي تأتي لضرب الأمثال عن ابن العربي إمام الحرمين ، وأنه رد بذلك احتجاج الحنفية في وقت العصر بحديث عملنا مع عمل أهل الكتاب معنا . قال ابن العربي : وهذا وإن كان موضع تجوز وتوسع كما قال ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقول إلا حقا تمثل أو توسع . قلت : والتعليل بالتوسع باطل ; لأنه معصوم ، ولو قال : لأن اللفظ لم يظهر منه قصد التشريع ، فيكون قرينة صارفة عن الحكم لم يبعد ، وقد سبق مثله في العام إذا لم يظهر منه قصد التعميم ، لا يكون عاما ; لكونه غير مقصود . وقيل : لا يؤخذ الجواز مما أخبر به عن أشراط الساعة ونحوها ، كاحتجاج بعض الأصحاب على أن المحرم لا يشترط في الحج بحديث { الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله } قال لترين الظعينة ترحل من عدي : فرأيت ذلك . رواه البخاري . وقدح بعضهم بأن هذا خبر منه صلى الله عليه وسلم بأن ذلك يقع بعد ، ولم يقل : إن ذلك يجوز ، وفي الحديث { ومسلم } وهذا وإن كان فيه تمني الموت المنهي عنه ، لكنه خبر منه صلى الله عليه وسلم من غير تعرض لجوازه ، كالإخبار بأشراط الساعة ونحوها . [ ص: 268 ] لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل ، فيقول : يا ليتني كنت مكانه
والجواب أنه إنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في معرض المدح والامتنان بإظهار الدين ، ولهذا أخبر في هذا الحديث بإنفاق كنوز كسرى في سبيل الله . ويشهد لذلك أيضا ما في الصحيحين عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { جابر } . قال : فأنا أقول لها - يعني امرأته - : أخري عني أنماطك . فتقول له : ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ستكون لكم الأنماط ؟ فأدعها . والأنماط ضرب من البسط له خمل رقيق . ففهم الصحابي مما أخبر به عن الأشراط الجواز أيضا . هل لكم من أنماط ؟ قلت : لا . قال : أما إنها ستكون لكم الأنماط