فإن كان أحدهما يمنعه ، فلا يستدل عليه بالقياس فيه . وإنما شرط ذلك ; لئلا يحتاج القياس عند المنع إلى إثباته فيكون انتقالا من مسألة إلى أخرى ( لا ) أن يكون متفقا عليه بين ( الأمة ) لحصول المقصود باتفاق الخصمين فقط . وهذا الصحيح الذي عليه الجمهور ، واشترط قوم اتفاق الأمة على الأصل ، ومنعوا القياس على مختلف فيه لنقل الكلام إلى التسلسل . ( و ) من شرط حكم الأصل أيضا . كونه ( متفقا عليه بين الخصمين )
وضعفه كغيره لندرة المجمع عليه . ولأن كلا من الخصمين مقلد فليس له منع حكم ثبت مذهبا لإمامه ; لأنه لا يعلم مأخذه ثم لا يلزم من عجزه عجزه ، ثم لا يتمكن أحدهما من إلزام ما لم يجمع عليه ( ولا ) يشترط - مع كونه متفقا عليه بين الخصمين دون الأمة - أن يكون ذلك ( مع اختلافهما ) وقيل : بلى ، وهو اختيار الموفق الآمدي ( ولو ) ، من إجماع أو نص ، أو سبر أو إخالة ( قبل ) منه استدلاله في الأصح ، ونهض دليله على خصمه . ( لم يتفقا ) يعني الخصمين على حكم الأصل ، ولم يكن مجمعا عليه ( فأثبت المستدل حكمه ) أي حكم الأصل بنص ( ثم أثبت العلة ) بطريق من طرقها
مثال ذلك : أن يقول في المتبايعين ، إذا كانت السلعة تالفة : متبايعان تخالفا ، فيتحالفان ويترادان كما لو كانت قائمة ، لقوله صلى الله عليه وسلم { } فيثبت الحكم بالنص وعلته ، وهي التحالف بالأيمان وقيل : لا يقبل ذلك من المستدل حتى يكون حكم الأصل مجمعا عليه ، أو يتوافق عليه الخصمان . واستدل للأول - وهو الصحيح - بأنه لو لم يقبل ذلك منه لم تقبل في المناظرة مقدمة تقبل المنع ، واللازم باطل ، بيان الملازمة : أن من يمنع ذلك ويشترط في حكم الأصل الاتفاق عليه بين الخصمين إنما قال ذلك لئلا يحصل الانتقال من مطلوب إلى آخر . وانتشار كلام يوجب تسلسل البحث ، ويمنع من حصول مقصود المناظرة وهذا لا يختص بحكم الأصل ، بل هو ثابت في كل مقدمة تقبل المنع قال إذا اختلف المتبايعان ، فليتحالفا [ ص: 486 ] وليترادا القاضي عضد الدين : وربما يفرق بأن هذا حكم شرعي مثل الأول ، يستدعي ما يستدعيه ، بخلاف المقدمات الأخر .
( وإن ) كان الخصم يقول بحكم الأصل و ( لم يقل بحكم أصله المستدل ف ) هو قياس ( فاسد ) مثال ذلك : قول الحنفي في الصوم بنية النفل : أتى بما أمر به ، فيصح ، كفريضة الحج ، وهو لا يقول بصحة فريضة الحج بنية النفل ، بل خصمه هو القائل به . ووجه فساده : كونه اعترف ضمنا بخطئه في الأصل ، وهو إثبات الصحة في فريضة الحج والاعتراف ببطلان إحدى مقدمات دليله ، اعترف ببطلان دليله ولا يسمع من المدعي ما هو معترف ببطلانه ، ولا يمكن من دعواه فإن قيل : فذلك يصلح إلزاما للخصم ; إذ لو لزمه لزم المقصود ، وإلا كان مناقضا في مذهبه . لعمله بالعلة في موضع دون موضع . فالجواب : أن الإلزام مندفع بوجهين أحدهما : أن يقول : العلة في الأصل عندي غير ذلك ، ولا يجب ذكري لها . الثاني : بأن يقول : يلزم منه خطئي في الأصل أو في الفرع ولا يلزم منه الخطأ في الفرع معينا وهو مطلوبك ، وربما أعترف بخطئي في الأصل ولا يضرني ذلك في الفرع . قاله القاضي عضد الدين وغيره .